للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ضياع الوقت]

فإن كثيراً من الناس يضيع الوقت في رمضان وهل سمعت بأمة تلعب البلوت في ليالي رمضان؟ يعتق الله عز وجل الرقاب من فوق عرشه، وهذه الأمة تلعب البلوت في الأرض! الله عز وجل يقول في الثلث الأخير من الليل: {هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من داع فأجيبه؟} متفق عليه، وهذه الأمة تلعب البلوت، وتسمع الأغنية والموسيقى، وتعيش الليلة الحمراء في الليل!! فأين رقابتها؟ وأين عودتها إلى الله؟ فقد ضيعنا الأوقات، وأصبحنا أمة لا تقدر الساعات، إلا من رحم ربك.

يقولون -بالاستقراء-: أرخص وقت هو وقت المسلمين، فإن الأمم الأخرى مصانعها ومعاملها منتجة معطية، وهذه الأمة إن لم تهتد بهدى القرآن والسنة ضاعت، وإذا تركنا هذا الدين القيم الذي نحمله، أصبحنا ضائعين؛ لأننا لا نحمل الدنيا، لا ننتج، ولا نقدم للبشرية مصانع ولا منتجات، يقول الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:١١٥ - ١١٦].

ورد عن سفيان الثوري أنه جلس في الحرم مع رفقة معه، فقالوا له: اجلس يا أبا عبد الله حدثنا -أي: من حديث مجالسنا، قصص ومجريات الحياة- قال: احبسوا الشمس وأنا أحدثكم.

معنى الكلام: هل تستطيعون أن توقفوا الشمس التي تنقض الأعمار لأحدثكم؟ ومن يضمن لي الدقائق التي أصرفها معكم، ومن يعيدها لي يوم القيامة؟ قال الله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة:١ - ٢] قال بعض أهل التفسير: نفس المؤمن تلومه، تقول له: فيم صرفت عمرك؟ فيم صرفت وقتك؟ وقال الحسن البصري: [[ما من نفس إلا تلوم صاحبها يوم القيامة]].

وقال:: [[يقول المؤمن لنفسه: لم أكلت هذه الأكلة؟ ولم شربت هذه الشربة؟ ولم جلست هذا المجلس؟ ولم قلت هذه الكلمة؟]].

ويقول عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري: {نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ} وسيعلم الذين فوتوا أعمارهم في الضياع ما هو الثمن يوم العرض الأكبر ينفقونها من أعمارهم، ويقدمونها من أغلى ما يملكون، وإذا أوقفوا يوم العرض الأكبر قالوا: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:٤٩] وليته سهر في طاعة، لكن الكثير من الناس جعل رمضان موسماً للضياع، فيلعب البلوت، ويسمع الأغنية، والسهرة، ويشاهد الفلم المهدم المخرب إلى صلاة الفجر، ثم يصلي إن كان بقي فيه لمعة من خير، يصلي الفجر ثم ينام جيفة إلى صلاة الظهر، وبعضهم لا يستيقظ إلا قرب العصر فأين معاني رمضان؟!

<<  <  ج:
ص:  >  >>