للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دعاء غير الله وتعليق التمائم والحجب]

من الكلمات التي قد تفشو في بعض الأماكن دعاء فاطمة: قد يمرض بعض المرضى في عينه، " فيقول: يا فاطمة بنت النبي! أزيلي هذا الذي بي" أو غيره من الكلمات، وقد ذكر ذلك بعض العلماء الذين كتبوا رسائل في أحوال بعض المناطق، ومنهم من يقول: يا فاطمة يا فاطمة! وبعضهم ينادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد يا محمد، حتى إن بعضهم خرج بثور يبيعه في السوق، فكاد الثور يتلف من مكان مرتفع، فيقول: يا محمد يا محمد! قال أخوه: خل الثور تتلف والله إن محمداً يحب المرقة! عليه الصلاة والسلام.

فينادي الرسول عليه الصلاة والسلام ولا ينادي الواحد الأحد سبحانه، ومحمد صلى الله عليه وسلم ميت لا يملك ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً، وهو ينادي رسولاً ويترك الواحد الأحد: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء:٢١٨ - ٢١٩].

ومنهم من يعلق تميمة، قال صلى الله عليه وسلم: {من اتخذ تميمة فلا أتم الله له} أي: لا أتم أموره.

ومنهم من يأخذ فتخة أو خاتماً أو دبلة، ورأيت بعضهم يحزم خيطاً صغيراً قلت: مالك؟ قال: فيَّ عين، والشيخ الفلاني ربط أصبعي، نسأل الله أن يهديه.

صد عن منهج لا إله إلا الله بهذا التصرف؛ خيط بسيط يربط في الكف حتى يشفى من العين! والرسول صلى الله عليه وسلم بُعث لرفع الجهالات والخزعبلات والمضحكات، حتى إن الأمم الأخرى لو رأت مثل هذه الأمور لضحكت علينا، مع العلم بأن ديننا أصيل صادق مبني على حقائق، وتقبله العقول ولا تخالفه.

ومنها تعليق الحجب، والحجب هذه قراطيس يضعونها على المرضى، ورأيت بعضها ملفلفة في مثل الدفتر الصغير، وخيطت بإبرة أو بمخيط، ومكتوب فيها كلمات لا تعرف، فمن علق هذه فلا أتم الله له، ولا شفاه ولا عافاه ولا كفاه، ومنهم من يدفع دراهم ونقوداً ليعلق هذا، ومنها أن العقيم تأخذ خيطاً لتحمل من مقرطس أو مشعوذ، وهذا مخالف لمنهجه صلى الله عليه وسلم.

ومنها أن بعضهم يأخذ شيئاً يمنعه من العين، ويعلقه على باب البيت، ومنهم من كان يعلق بيض الدجاج ويقول: هذه تمنع من العيون والحساد، ومنهم من يتشاءم بأصوات مثل صياح الثعلب، فيقول: أعوذ بالله من البلاء! أعوذ بالله من الشر! فال الله ولا فالك! والثعلب لا يملك ضراً ولا نفعاً، ومنهم من يتشائم بالغراب حتى يقول:

نعب الغراب فقلت نُحْ أولا تَنُحْ فلقد قضيت من الغني ديوني

وقال آخر:

زعمَ البوارحُ أن رحلتنا غداً وبذاك تنعابُ الغرابِ الأسودِ

يقول: ولذاك صاح الغراب، وأخبرنا أننا سوف نرتحل غداً، والغراب لا يعرف شيئاً.

ومنهم من يتشاءم بالأرقام، فإن بعضهم يأتي إلى سبعة يقول: ستة وهو يكيل فيقفز السبعة يقول: موفي ثمانية! فمن فعل ذلك فقد اعتقد في الأرقام وقد أشرك في هذه الأمور، واعتقد أن غير الله يضر، مع أنه لا يضر ولا ينفع إلا الله عز وجل، فلا بد للإنسان أن يقول هذا الرقم معتقداً أنه رقم، لا أنه يدعو الجن ولا أنه يناديهم، فهم لا يضرون ولا ينفعون.

<<  <  ج:
ص:  >  >>