للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ذكر حديث البخاري في عداوة اليهود لجبريل عليه السلام]

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، رضيه قدوة للعالمين، وحجة على الناس أجمعين، على قوله تقاس الأقوال، وعلى فعله توزن الأفعال، وعلى حاله تصحح الأحوال، فهو المعصوم بأبي هو وأمي، وهو الطيب أينما حل وارتحل، وهو المبارك أينما كان، كلامه طيب، وفعله طيب، ونَفَسه طيب، فلا إله إلا الله! يا فرحة من اقتدى به واتبع سنته وسار على منواله، ولا إله إلا الله! كم خسر من ترك طريقه وضل عن شريعته وتعامى عن سنته عليه أفضل الصلاة والسلام.

ومعنا في هذه الجلسة الإمام البخاري وهو ينقلنا إلى كتاب التفسير من صحيحه الكتاب العظيم، الذي شق طريقه في الدنيا، والذي أعلن قوته على مر العصور، وأثبت جدارته بين كتب البشرية، لأنه قصد به وجه الله أولاً، ثم هو كلام خير الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام.

يقول: باب: قول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [البقرة:٩٧] ثم ساق بسنده إلى أنس رضي الله عنه قال: {أتى عبد الله بن سلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة، فقال: يا رسول الله إني أسألك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، قال: وما هي؟ قال: ما هي أول أشراط الساعة؟ وما هو أول طعام أهل الجنة؟ ولماذا يُشبه الولد أمه أو أباه؟ فقال عليه الصلاة والسلام -وهو يجيب على هذه الأسئلة الثلاثة العويصة المشكلة؛ التي لا تُعلم إلا بوحي من فوق سبع سموات- قال: أخبرني بهن جبريل آنفاً -أي: قبل قليل- قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، ثم قال عليه الصلاة والسلام: أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب.

وأما أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد الحوت.

وأما كيف يشبه الابن أمه أو أباه، فإذا سبق ماء الرجل أشبه أباه أو نزع إلى أبيه، وإذا سبق ماء المرأة نزع إلى أمه، قال عبد الله بن سلام: صدقت بأبي أنت وأمي، والله ما يعلمها إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، يا رسول الله: إن اليهود قوم بهت -أي: أهل زور وافتراء- فاسألهم عني، فجعله عليه الصلاة والسلام وراءه في مشربة -وهي الغرفة الصغيرة- ثم جمع أحبار اليهود -إخوان القردة والخنازير- أمامه عليه الصلاة والسلام، قال: كيف ابن سلام فيكم؟

قالوا: سيدنا وابن سيدنا -وفقيهنا وابن فقيهنا- وخيرنا وابن خيرنا، قال: أفرأيتم إن أسلم، قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عليهم ابن سلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله -فنخسوا وتنافخوا- وقالوا: شرنا وابن شرنا، وانتقصوه -وسيئنا وابن سيئنا، وخبيثنا وابن خبيثنا-}.

ساق الإمام البخاري هذا الحديث على هذه الآية لأنه يريد أن يفسر كل آية صح تفسيرها بسنده، لأنه اشترط الصحة حتى في التفسير: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ} [البقرة:٩٧].

فأتى بالشاهد من الحديث: أن اليهود يعادون جبريل، فلما قال عليه الصلاة والسلام: {إن جبريل أخبرني بها آنفاً، قال ابن سلام: ذلك عدو اليهود من الملائكة}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>