للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تربية الأبناء على عبادة الله]

أيها الأحبة: مَن أب حرص على جلب مرب لابنه يعلمه القرآن ويدارسه السُّنَّة؟ قليل من فعل ذلك، وليت الذي لم يفعل إذ لم يفعل جَنَّب ابنه عوامل الفساد والإفساد، لكن البعض حَشَفاً وسوء كيل، جلب لابنه سائقاً وخادماً وسيارة، وهيأ له بيتاً ملأه بكل الملهيات عن ذكر الله وطاعته.

من أب فيكم أعطى لابنه جائزة يوم حفظ جزءاً من القرآن، أوتعلَّم حديثاً لخير نبي الإنسان عليه الصلاة والسلام؟ قليل من فعل ذلك، ونسأل الله أن يبارك في القليل.

لكنَّ البعض منا يَعِد ابنه إن نجح بقضاء أمتع الأوقات على الشواطئ في أي البلاد، وما وعد ابنه مرة إن نجح بزيارة مسجد رسول الأنام عليه الصلاة والسلام.

فماذا كانت النتيجة؟

النتيجة: أن نشأ نشء منا مِن أبنائنا يعرفون بلاد الكفر أكثر مما يعرفون مكة والمدينة النبوية.

النتيجة: أن اتجه شبابنا إلى الملاعب يوم نادى المنادي: حي على الصلاة، حي على الفلاح.

النتيجة: أن حلّ محل المصحف مجلة، ومحل السواك سيجارة.

النتيجة: أن نشأ فينا نشء كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون.

إن ابناً بنيناه جسداً حَريٌ بنا أن نربي عقله وقلبه، ونهتم بحياته بعد موته، وأول خطوة إلى ذلك: أن نصلح أنفسنا؛ ففي صلاحنا وبصلاحنا تكون استقامتهم، ورعاية الله لهم، قال تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً} [الكهف:٨٢].

وثانيها: أن نجعل التربية الإسلامية غاية وهدفاً، لا مانع من تعلُّم العلوم الدنيوية، ولكن ليس على حساب الاهتمام بالآخرة: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:٧٧].

فيا عبد الله: اتقِ الله في رعيَّتك؛ فأنت عنهم مسئول أمام الله.

اتق الله أن يستأمنك الله عليهم فتشرع لهم أبواب الفتن؛ من أفلام وأجهزة خبيثة عديدة، ومجلات فاتنة صفيقة.

يا عبد الله: يوم تهتم هذا الاهتمام المادي بابنك يصبح ابنك مركِّزاً كل همِّه في ثوبه وغترته ومسكنه ومأكله ومشربه وسيارته.

جزاك الله خيراً على اهتمامك به مادياً، لكن ماذا فعلت لتؤنسه في وحدته إذا ما دفنته في التراب؟

ما أنت صانع بشهادته؟

قد يرسب الآن في مادة أومادتين، قد ينجح فيهما غداً أوبعد غد، والمجال مفتوح للتعويض، لكن لا تعويض في الآخرة.

أعمال العمر كله تعرض للتصحيح في وقت واحد، عليها لِجَان دقيقة، وسجلات وثيقة، لا تغادر صغيرة ولا كبيرة، لجنة كالمحْكَمَة؛ رئيس وأعضاء وشهود ومحام ومدعٍ عام، أما الرئيس - فسبحانه وبحمده - أحكم الحاكمين، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأما أعضاء المحكمة فملائكة الحساب، وأما الشهود فمنك وفيك؛ هم الأعضاء: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يكسبون} [النور:٢٤].

وأما المدَّعي العام فهي الرسالة التي بلغتك من الله، عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما المحامي فهوالقرآن الذي يأتي يوم القيامة حجيجاً لك أوحجيجاً عليك.

يا عبد الله: يوم غد ليس مضموناً، قد تسعى وتتعب وتزرع فلا تحصد، قد تدرس وتختبر فلا تدرك النتيجة، أما وقد بلغتك الرسالة فقد وجب الامتحان ووجبت النتيجة.