للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصية لقمان لابنه]

يا أيها الأب الحنون: أدعوك إلى التأمل في وصية لقمان لابنه الذي يحبه، ويفتديه بالغالي والنفيس.

هل أوصاه بدنيا؟ هل أوصاه بزخرف؟

لا.

بل دعاه لما يحييه حياة طيبة، وينجيه من العذاب الأليم، نهاه أن يشرك بالله: {إنَّ الشَّرْكَ لَظُلْمُ عَظِيمٌ} [لقمان:١٣] وأخبره أن الله محيط بكل شيء، فلا يعجزه شيء، ودلَّه على ما ينجيه من الله؛ ألا هوالهرب منه إليه -تبارك وتعالى- بإقامة الصلاة، بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، بصبر على ما يصيبه من جرَّاء ذلك، ثم يدلَّه على مكارم الأخلاق التي تسمو بها نفسه، ويعلو بها مركزه.

فلا تكبُّر على الخلق، ولا ذلة مع قصد في المشية، وخفض في الصوت: {إنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوتُ الحَمِيرِ} [لقمان:١٩].

تلك -يا عبد الله- جملة وصية الأب الحنون حقاً، فهل رجعت إلى القرآن فقرأت هذه الوصايا، فعملت بهذه الوصية مع ابنك؟

هل أوصيته ببعضها أوبها جميعها؟

لا إله إلا الله! إن ديدن بعض الأباء تثبيط هِمَم أبنائهم، وتكسير مجاديفهم -أقول ذلك ونحن نعيش التدريس عن كثب- إذا ما هدى الله ابن بعضهم ذعروا وهبُّوا ووصفوه بالوساوس، ووسموه بالعُقَدِ النَّفسية، سخروا منه وهزئوا به، ولا أدري أيسخرون من شخصه أم من دينه الذي يحمله ويمثله: {أَفِي قُلُوبِهِم مرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللهُ عليهم} [النور:٥٠].

أهذه هي الأمانة أيها الأب؟ {ما من راعٍ استرعاه الله رعية فبات غاشاً لهم إلا حرم الله عليه رائحة الجنة}.

عباد الله: ولنا في سِيَر الأخيار عظات وعِبَر، لقد امتحنوا فنجحوا وتفوَّقوا:

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبُّه بالكرام فلاح