للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جاهلية تعيشها المرأة في هذا القرن]

أخواتي المؤمنات؛ ونَعِمَت المرأة في ظل الإسلام قروناً، ولا زالت تنعم بذلك حتى جاءت جاهلية هذا القرن والذي قبله، فوأدت المرأة وأداً معنوياً، أشد خطراً من وأد الجاهلية؛ فإن الموءودة في الجنة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، أما موءودة هذا القرن فهي التي وأدت نفسها، وباعت عفَّتها، وأهدرت حياءها، فلا تجد الجنة، ولا تجد ريحها، كاسية عارية، مائلة مُمِيلة، لا تجد عرف الجنة، وإن ريح الجنة ليوجد من مسافة كذا وكذا.

أصغت بأذنها إلى الدعاة على أبواب جهنم، فقذفوها في جهنم، فشقيت وخسرت دنياها وأخراها، فهي تعض أصابع الندم هنا ويوم القيامة، نسأل الله عز وجل أن يتجاوز عنَّا، وعن العاصيات من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

يا أمَةَ الله! تجيء جاهلية هذا القرن في صور متعددة؛ في صورة المشفق عليك، الضاحك ظاهراً، وهو يريد قتلك باطناً.

إذا رأيت نِيُوبَ اللَّيثِ بارزةً فلا تظنِّي أنَّ اللَّيث يبتسمُ

جاءت هذه الجاهلية في صورة المشفق عن طريق مجلة، أو عن طريق صفحة جريدة، أو أغنية فاجرة، أو مسلسل، أو تمثيلية، أو جهاز استقبال، يريدون منكِ أن تكوني عاهرة، سافرة، فاجرة، يريدون أن تكوني بهيمة في مِسْلاخِ بشر، حاشاك يا بنة الإسلام! ويا حفيدة سمية وأسماء!

اسمعي لقائلهم سمع اعتبار يوم يقول، وهو أحد الكفار الذي يتربص بك وبأخواتك وبالمؤمنين الدوائر يقول: لا تستقيم حالة الشرق الإسلامي لنا حتى يُرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويُغطَّى به القرآن، وحتى تؤتى الفواحش والمنكرات.

وخاب وخَسِر.

ويقول الآخر:

مزِّقيه مزِّقيه بلا ريث فقد كان حارساً كذاباً

يخاطب بذلك الحجاب.

ويقول الآخر: إلى متى تحملين هذه الخيمة؟

ويقول آخر: ينبغي أن تبحثي عن قائد يقودك إلى المدرسة والكليَّة.

ويقول آخر: لابد أن نجعل المرأة رسولاً لمبادئنا، ونخلِّصها من قيود الدين.

خاب وخسر.

ويقول الآخر: إن الحجاب خاص بزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فأين تنطلي مثل هذه الأمور؟ وأين هذا من القرآن؟

إنه لم يعرف القرآن، ولو عرف القرآن لقرأ قول الله في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:٥٩].

ويقول أحدهم -وهو قاسم أمين، من الذين تأثروا بالغرب-: إن الحجاب ضرر على المرأة؛ فهو معرقل لحياتها اليومية.

يضرب بالآيات عرض الحائط، ويحكِّم عقله، وينظر إلى الغرب الهائم؛ فعامله الله عز وجل بما يستحق.

وآخر يقول: كأس وغانية تفعلان في الأمة المحمدية ما لا يفعله ألف مدفع؛ فأغرقوهم في الشهوات والملذَّات.

كيف جاءت هذه الأمور؟

إنها لم تأتنا إلا من أعداء الإسلام، على طريقة من؟! على طريقة الذين رُبُّوا على أفكار أولئك.

يخرج سعد زغلول منفياً مُرتباً له من مصر إلى بريطانيا أيام الاحتلال، ليعود من هناك وهو بطل وزعيم وطني قومي -وقد رُتِّب له الأمر- فإذا بسرادق النساء في استقباله، وإذا بزوجته صفية زغلول -انتسبت إليه، ولا تنسب إلى أبيها على طريقة الغربيات الكافرات- تأتي معه على ظهر الباخرة، وتصل إلى هناك، ولمَّا وصلت إلى هناك، وجاءوا لاستقباله -إذ الأمر مرتب- ينزل وينطلق مباشرة إلى سرادق النساء، إلى سرادق الحريم المحجبات فتقوم هدى شعراوي -عاملها الله بما تستحق- تقوم إليه محجبة، فينطلق إليها ليمد يده -وقد مدَّ اليهودي قبل ذلك يده فدفع ثمن ذلك نفسه- يمد يده إلى حجابها ويرفع ذلك، وهي تضحك وتصفِّق، وهو يضحك ويصفِّق، ثم يصفقن النساء لِيُعْلِنَّ الرَّذيلة من ذلك اليوم، وليبدأنَ في تقليد الكافرات، هذا هو عمله، فماذا فعلت التي قامت بالدور بعد ذلك هدى وصفية؟

انطلقا في مظاهرة ظاهرها وهدفها مناوأة الاحتلال الإنجليزي، وانطلقا إلى ميدان الإسماعيلية، ليقفا في ذلك الميدان محجبات سود كالغربان، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لحاجة في نفسهن، رمين الحجاب ودُسْنَهُ بالأقدام، ثم أحرقْنَه في تلك الساحات، ليُعلنَّ التمرد على القيم والأخلاق الإسلامية، فماذا كان بعد ذلك؟!

حصل في مصر ما حصل، حصل فيها أن بدأ التغريب هناك على يد هؤلاء، وبين أيادي المؤمنات، وعلى مرأى المسلمين والمسلمات، ماذا حصل؟!

انطلقوا مباشرة فإذا بالرجل ينطلق إلى جنب المرأة مباشرة، وإذا به يعمل معها، وإذا به يخالطها في المدرسة تلميذاً ومعلِّماً فيما بعد، وإذا بالأمور تنفرط ليس هناك فحسب، بل تدب العدوى إلى بلاد عربية، حتى يكاد لا يَسْلَم من ذلك بلد إلا من رحم الله، وقليل ما هم.

وإذا بنا نئن ونشكو من اختلاط، ورذيلة.

ومن طهر وعفاف يوأد، وإذا الفساد ينتشر، وإذا الداعية يصيح هنا وهناك، فإذا الآذان صُمَّت، واتجهت تقلِّد الغرب حتى في لباسها، قامت تقلدهم في الموضة والأزياء.

جاءت هذه الصرعات فاستنفذت البيوت واستنفذت ميزانيات الأسر، حتى إنك لترى التي بلغت الخامسة عشرة لا زال لباسها من فوق ركبتها، وتقول: لازلت صغيرة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وما -والله- ذكرت من هؤلاء، سواء هدىأو قاسم أو زغلول أو غيرهم من الدعاة هنا وهناك إلا نماذج للدعاة على أبواب جهنم الذين ألقوا بحجابهم وداسوه بالأقدام، إنما يتَحَدَّوْن مشاعر المسلمين، والذين يكتبون لتحرير المرأة، والذين وقفوا بذلك الميدان وسموه: ميدان التحرير إنما هو التحرر من الفضيلة والخُلُق والطُّهر ولاشك، يكتبون والله يكتب ما يُبيِّتون هم وأذنابهم إلى يوم يبعثون: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:١٧٩] {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:٤٦].

أختي المؤمنة: هل لهؤلاء ومن على أدرابهم من الكُتَّاب والراقصات والعاهرات أهلٌ لأن يَكُنَّ قدوة للصالحات المؤمنات القانتات الصابرات الخاشعات؟

نعوذ بالله من الانتكاس، ونسأل الله الثبات حتى الممات.

أنتِ الطهر، وأنتِ الفضيلة، وأنت السُّمُو، والطهر لا يقتدي بالرِّجس والمهين، والفضيلة لا تقتدي بالرذيلة، والسمو لا يقتدي بالسُّفْل.

خابوا وخسروا وتعسوا وانتكسوا.

أغيظيهم وقولي بلسان حالك ومقالك:

دعهم يعضوا على صُمِّ الحَصَى كمداً من مات من غيظه منهم له كفن