للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تهاون الناس في أمر الخلوة والاختلاط]

عباد الله: ومع تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من الخلوة التي بسببها نسمع كل يومٍ حادثة قبيحة وفعلة شنيعة، ومع ذلك ما زلنا نرى ونسمع ألواناً من الخلوة والاختلاط، بل صار الناس لا يرون بها بأساً، ولا يرفعون بها رأساً، وصارت أمراً طبيعياً مألوفاً، بل لوناً من ألوان التقدم والرقي، فصارت الخلوة عادية في مجال الاستطباب، حتى صار كثيرٌ من الأطباء يبيح لنفسه الخلوة بالمرأة الأجنبية، ويرى فضلاً عن وجهها شيئاً من جسمها، بل يرى فخذيها وعورتها المغلظة، مستبيحاً ذلك بحجة أنه طبيب، ناسياً بل متناسياً أنه رجلٌ أجنبي لا يجوز له أن ينظر إلى ما حرم الله؛ إلا في مجالٍ ضيقٍ شديد، ألا وهو مجال الضرورة العظمى التي تتطلب التدخل لإنقاذ حياة المرأة في حالة عدم وجود المرأة الطبيبة.

إن ذلك لا حرج فيه لكن بضوابط، مع وجود المحرم قدر الاستطاعة، فإن لم يوجد المحرم، فليوجد رجلٌ أو امرأة ثالثة، أو رابعة، حتى تنتهي الخلوة التي تحدث بين الطبيب والمريضة.

ونحن عندما نقول هذا الكلام، قد يستنكره بعض الذين في قلوبهم مرض، فيمدون شفاههم في وجوه الدعاة، زاعمين أن هذا تشددٌ وتخلفٌ رجعي، بل سوء ظنٍ من الدعاة بالمدعويين، ناسيين أو متناسيين أنه ما ديست كرامة المرأة إلا بعد أن وجدت هذه الأفكار، وما من بلية ولا رزية إلا وكان للخلوة والاختلاط فيها نصيب الأسد.

إن كثيراً من أطباء النساء يتعمدون الكشف على سوءة المرأة الحامل مدعين أنهم بذلك يطمئنون على صحة الجنين، يا له من قبحٍ وسوء فعلٍ وقلة حياء وأدب!! وبالإمكان وضع سماعة الطبيب على بطن المرأة فوق الثياب وسمع النبضات، لكن الدنية الخبيثة تأبى عليه ذلك، بل يتجرأ بعضهم ويمد يده ليتحسس وضع الرحم كما يقول، وإن جئت لطبيبة تريد الستر حولتك إلى طبيب، ما دور تلك الطبيبة؟! قبح الله تلك الأخلاق والشيم.

إن الرجل صاحب المروءة ولو لم يكن ذا دين؛ تأبى عليه مروءته أن يطلع على عورات النساء.

ولا إله إلا الله مع كثرة اللمس تبلد الإحساس، وصار الأمر متستطاباً ومستحسناً عند بعض النساء من اللاتي قل حياؤهن، وغاب عنهن وليهن فلم يتربين التربية الإسلامية الحقة.