للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدة المسافر وزاده]

أما عُدَّةُ المُسَافِر وزاده فإيمان وعمل صالح: {إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} [الكهف:٣٠] {إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا} [الكهف:١٠٧] {إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم:٩٦].

أين النفوس ترامى غير هائبةٍ أين العزائم تمضي ما بها خور

العلم بالحقِّ والإيمان يصحبه أساس دينك فابن الدين مكتملا

لا تبن إلا إذا أسَّست راسخةً من القواعدِ واستكملتها عملا

لا يرفع السقف ما لم يبن حامله ولا بناء لمن لم يرس ما حملا

ومن الزاد إخلاص لله، وقصد بالعمل وجه الله لا سواه: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:٥] {فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّين * {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:٢ - ٣].

فالفضل عند الله ليس بصورة الأعمال بل بحقائق الإيمان

والله لا يرضى بكثرة فعلنا لكن بأحسنه مع الإيمان

{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [الملك:٢] وَحَسْب نفسِك إخلاصٌ يُزَكِيها.

ومن الزاد: متابعة رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عنه قوله: {كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى} ويقول الله جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر:٧] {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣].

فيأيها المسافر: من عُمْدة عُدَّتك اتباعه، فلتذر مع قول الرسول وفِعْله نفيًا وإثباتًا بلا رَوَغَان، ورحم الله الحكمي يوم قال:

شرط قبول السعي أن يجتمعا فيه إصابة وإخلاص معا

لله رب العرش لا سواه موافق الشرع الذي ارتضاه

وكل ما خالف للوَحْيين فإنه ردٌ بغير مين

وجماعُ الزَّاد هذا كلِّه تقوى الله جل وعلا: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة:١٩٧] إنها العز والنسب والسبب والفخر والكرم.

ألا إنما التقوى هي العز والكرم فلا تترك التقوى اتكالا على النسب

فقد رفع الإسلام سلمان فارس وقد وضع الشركُ النَّسيب أبا لهب

فتَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ!

فالزاد -إذًا- إيمان، وعمل صالح في إخلاص، ومتابعة في تقوى، فهي إذا اجتمعت في نفس حرة بلغت من العلياء كل مكان.