للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استخدام الكلمة الطيبة في الدعوة إلى الله]

هاهو مصعب بن عمير -سفير الدعوة الأول إلى المدينة النبوية - يأتيه أسيد بن حضير بحربته -وهو ما زال مشركاً- فيقول لـ مصعب: ما الذي جاء بك إلينا؟ تسفه أحلامنا، وتشتم آلهتنا، وتُضيع ضعفاءنا، اعتزلنا إن كنت في حاجة إلى نفسك، وإلا فاعتبر نفسك مقتولاً.

فما كان من مصعب -بهدوء المؤمن الواثق بموعود الله وبنصر الله لهذه الدعوة- إلا أن قال له -في كلمات هادئة-: أو تجلس فتسمع؛ فإن رضيت أمرنا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره؟ قال: لقد أنصفت -وكان عاقلا لبيباً- فكلمه مصعب رضي الله عنه عن الإسلام، وقرأ عليه القرآن؛ فتهلَّل وجهه، وبرقت أسارير وجهه، واستهل وجهه، وقال: كيف تصنعون إذا أردتم الدخول في هذا الدين؟ -جاء ليقتله، والآن يريد أن ينهل مما نهل منه مصعب! - قال: اغتسل وتطهر، واشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أسلم الرجل وفي نفس الوقت أصبح داعية.

يقول: إن وراءي رجلاً إن اتبعكم لم يتخلف عنه أحد من قومه -هو سعد بن معاذ - وذهب إلى هذا الرجل، واستفزه بكلمات معينة، فجاء هذا يركض إلى مصعب، ويقول: إما أن تكف عنا وإما أن نقتلك، قال: أو تجلس فتسمع؛ فإن رضيت أمرنا قبلته، وإن لم ترضَه كففنا عنك ما تكره؟ فجلس، فقام يخبره عن الإسلام ويبين له هذا الدين، فما كان منه إلا أن استهل وجهه، وبرقت أسارير وجهه، وقال: كيف يفعل من يريد الدخول في هذا الدين؟ قال: اغتسل وتطهر، واشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل، ثم خرج من توِّه داعية إلى قومه، فذهب إلى بني عبد الأشهل، وقال: يا بني عبد الأشهل -وهم قومه-! كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا، وأفضلنا رأياً، وخيرنا، وأيمننا.

قال: فإن كلامكم عليَّ حرام رجالكم والنساء حتى تؤمنوا بالله الذي لا إله إلا هو وتُصدقوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، يقول: فلم يبق رجل ولا امرأة في تلك الليلة إلا مسلم أو مسلمة.

فلا إله إلا الله! الكلمة الطيبة الكلمة الطيبة! الإحسان الإحسان، والله يحب المحسنين.

أَحسنْ إلى النَّاسٍ تَستعبدْ قلوبَهمُ لطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ