للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصائح وتوجيهات إلى أفراد جيل هذا الزمان]

أيها الجيل: الفرد في هذا الزمان أشد حاجة لليقظة والانتباه مما كان عليه أسلافه المسلمون في العصور الماضية، لقد كان أسلافه يعيشون في وسط إسلامي تسوده الفضائل، ويعمه التواصي بالحق الرذائل فيه تتوارى عن أعين العلماء وسيوف الأمراء، أما اليوم فإن المدنية السفيهة الحديثة قد جعلت كفر جميع مذاهب الكفار، وشهواتهم وشبهاتهم، مسموعةً مُبْصَرةً مزخرفةً عن طريق الإذاعات والشبكات، والصحف والقنوات، تتسلق وتتسلل إلى أعماق القلوب الجوفاء والبيوتات، وترفع عقيرتها: إليَّ إليَّ! فعندي الفقه الطيب، تعني: فقه الإرجاء والتسيب، وينعق فيها الرويبضات التافهون في أمر العامة صارخين:

العلم ما ينقله الإعلامُ وليس ما يبثه الإسلامُ

والحق ما تطلقه الأبواقُ وليس ما تثبته الأخلاقُ

قد طوروا الخطاب للصِّغارِ باللحن والعُرْي وبالصَّغارِ

خابوا فهم حثالة الأنسالِ وعُصْبة الفساق والأنذالِِ

رهط الخنا والغي والمِحالِ مِن كل عِي ماذق تنبالِ

محارب لله لا يبالي كأنما صيغوا من الأوحالِ

أو من رجيع الحمر والبغالِ

لكن:

لكن ومهما نعقوا ومخرقوا عليهم ألف دليل ينطق

فانثر كنانتك أيها الجيل الراشد، والزم نبعك الصافي وتميزك ومفاصلتك، وسدد سهامك، وأشرع رماحك، وأعدَّ عدتك؛ فإن لم تجد فيها سلاح الحديد والنار فلن تراع معك السلاح الذي يفل الحديد، كتاب الله خير عدة وعديد، معك المادة التي تطفئ النار وهي اتحاد الصف على الإيمان، معك المِسَن الذي يشحذ هذين؛ وهو التقوى والصبر، فلن تضر.

فوالذي أكرمك بالإسلام إنهم ما قاتلوك بالحديد إلا ما يوازي ساعة من نهار؛ لكنهم قاتلوك في الوقت كله بما هو أعظم من الحديد قاتلوك: بالكتاب الذي يزرع الشك بالظن الذي يمرض اليقين بالصحيفة التي تنشر الرذيلة بالقلم الذي يشيع الفاحشة بالممثلة التي تظهر الفجور بالراقصة التي تغري بالتأنث الصخور بالمهازل التي تقتل الجد بالخمر والمخدر الذي يهدم البدن والعقل والمال والدين بمُعلمِ وعالمِ السوء الذي يفسد الفكر، وينقل الناس من الشهوة على وجل إلى الشبهة بلا وجل ولا خجل بالكماليات التي تثقل الحياة بالعادات التي تناقض فطرة الله.

فإن شئت أيها الجيل أن تذيب هذه الأسلحة كلها في أيدي أصحابها، فما آمرك إلا واحدة أن تعلنها قولاً وعملاً: {إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأعراف:٢٠٣] ثم تصوم عن هذه المطاعم والمشارب والمنابع النتنة كلها، وتغمض عينيك على الدواء بكتاب الله يعمل، ثم تفتحها لرؤية الحق والهدى تبصر.

دع عنك ما يقوله المسوخُ فما لهم في شرفٍ رسوخُ

إن القوم تجار سوء قاطعهم تنتصر عليهم قابل أسلحتهم كلها بسلاح واحد، وهو: التعفف والإعراض عن هذه الأسلحة كلها؛ فإذا أيقنوا ألا حاجة لك بهم آمنوا أنهم لا حاجة لهم فيك، ثم انصرفوا صرف الله كيدهم كما صرف قلوبهم.

ماذا يصنع المرابي في بلدة لا يجد فيها من يتعامل بالربا؟!

وليس يجهل ما ينوي الخصوم لنا إلا الجواميس أو شبه الجواميسِ

السوس منا فلا تطعن على أحد من الخصوم وعالج مصدر السوسِ

يا سامياً للسماء: لا يخالجك شك في أن وعد الله بالنصر واقع قاطع جازم {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:٥١] وكلمة الله قائمة سابقة {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ} [الصافات:١٧١ - ١٧٣] هذه حقيقة ثابتة مهما رصد لها الباطل من قوى الحديد والنار وحرب الأفكار، إن هي إلا معارك تتنوع نتائجها، ثم تنتهي إلى الوعد الذي لا يخلف بالنصر والغلبة والتمكين، سنة ماضية مضي الكواكب والنجوم، وتعاقب الليل والنهار؛ لكنها مرهونة بتقدير الله يحققها حين يشاء لحكمة، فلا تيأس وابحث عن أسباب تخلف النصر، فلعله من تفريط أو تقصير، فراجع نفسك وإلا فالسماوة.

يا سامياً للسما: الطائر بجناح مستعار لا شك أنه ساقط واقع منحل معتل مختل، فحلق بجناحك، والنبع الصافي زادك مخلصاً متبعاً مطبقاً متميزاً مفاصلاً، وإلا فالسماوة.

يكفي الصياح فما الحياة عبارة جوفاء فارغة يرددها الفمُ

الحزم الحزم والقول والعمل! لا تكن كالدفتر يحكي ما قال الرجال وما فعلوا دون أن يضرب معهم في الصالحات بنصيب، أو يرمي في معترك الآراء بالسهم المصيب، وإلا فالسماوة.

يا سامياً للسما: كاثر الضالين بالمهتدين، وارمِ البطانة الفجرة بالعجاف البررة ارم الخبيث بالطيِّب، والدرن بالصيِّب، وإلا فالسماوة.

يا سامياً للسما: قد عرفتَ وُجْهَتَك فابدأ المسير، هطيل المزن أوله قطرة، وعصف الريح مبدؤه نسفة، وصادق الوحي مبدؤه رؤيا منام، فابثث أسرارك، وانشر أخبارك، واتكل على مولاك الاتكال على الضعيف ضعف، والاتكال على القوي قوة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

كن مع الله ولا ترج العلا من سعي

احفظن مصحفك الغالي وباسم الله صابرْ

يا سامياً للسما: مَن هيأ الله له وسائل السبق فلم يسبق فهو محروم، وقد هُيِّئت فاغنمها تمحُ آية البؤس في بيداء السماوة، وتجعل آية النعيم في سمائك مبصرة.

وشتان ما بين السماء والسماوة!

يا سامياً للسما: أسرج كُمَيْتَك، واجرر زمامك على المرعى يقف بك ارقب الفجر ما هو ببعيد عنك عبَّ من النبع الصافي وتنقل به للمراقي جاهد نفسك على ذلك، فالمجاهدة حرب لا يصلح لها إلا بطل.

من اقتضى بسوى الهندي حاجته أجاب كل سؤال عن هل بلم

مرعى المشتهى هشيم ليل الجهل معتم جو الهوى مقفر روض اللهو وبي غدير اللذات غدر مجاهدة النفس شقة.

موت النفوس حياتها من شاء أن يحيا يموتْ

يا سامياً للسما: قد نثر الدر لديك فانتقِ، وقربت لك المراقي فارتقِ انزل الوادي يصوِّت بك الحادي.

ونكتة المسألة، ومدار المحاضرة: تجريد التوحيد لله لا يقوم له شيء البتة، وصاحبه مؤيد منصور، هذا بيان مجمل للسر بلا تعليق، واسألوا أهل النحو أيهما أفصح: الإلغاء أم التعليق؟

يغنيك إجمال قولي عن مفصله في ذكرك البحر معنىً تحته الدرر

وشتان ما بين السماء والسماوة!

وحدوا صفوفكم، واجمعوا رأيكم وكلمتكم، والهدوء الهدوء! والصبر الصبر، ليس الشديد بالصرعة

هونوا واتئدوا

وأبشروا وأملوا

ما كل عادٍ يسبق

لأمة الإسلام من في السماء.

ولدين الله من في السماء.

ولملة الإسلام من في السماء.

فالدعاء الدعاء، ليس شيء أكرم من الدعاء، أعجز الناس من عجز عن الدعاء: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم:٤] {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف:٥٤].

اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أو علمته أحداً من خلقك، ونسألك باسمك الأعظم الذي سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، وإذا استغثت به أغثت، وإذا استرحمت به رحمت، وإذا استفرجت به فرجت.

يا من لا يهزم جنده، ولا يغلب أولياؤه، نسألك أن تعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين.

اللهم ارفع علم الجهاد اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم اقمع أهل الكفر والزيغ والفساد والنفاق والعناد.

اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، أرنا في أعداء الدين عجائب قدرتك.

اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.

اللهم إنهم لا يعجزونك.

اللهم أنزل عليهم بأسك ورجزك وغضبك.

اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم اجعلهم لمن خلفهم آية.

اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، وزلزل أقدامهم، ورد كيدهم.

اللهم إنا ندرء بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.

اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره، يا قوي يا عزيز يا قوي يا عزيز يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

اللهم كن للمسلمين المستضعفين المظلومين المقهورين في العالمين اللهم كن للمسلمين المستضعفين المقهورين المظلومين في العالمين.

اللهم كن لهم في فلسطين وأفغانستان وكشمير والشيشان، وجميع العالمين.

اللهم أزل عنهم العنا، اللهم أزل عنهم العنا.

اللهم اكشف عنهم الضر والبلاء.

اللهم أنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء، يا سميع الدعاء.

{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٥٠].

اللهم أنت حسبنا ومن كنت حسبه فقد كفيته، حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك