للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نداء إلى أثرياء المسلمين]

إلى أثرياء المسلمين! إلى موسري المسلمين! يا من ينعمون بنعم الرحمن، ويعيشون الأمن والأمان.

يا موسراً عضواً في جسد أمةٍ كلها جراح يتيمها في المحافل يذاب ويمسخ ويبكي، وشيخها ينوح، وأرملتها تئن، وأسيرها جريح، وجاهلها يتيه

من عمق أنين اليتامى، وصريخ الثكالى، ونشيج المكلومين والحيارى

من بين أسرٍ تشتت بعد شمل، وجمعٍ تفرق بعد جمع، منزله الفضاء، وسقف بيته سماء الله، أو قطع السحاب

من أسى نائمٍ على أزيز قاذفات، ومستيقظٍ على دوي انفجارات، لا يرحم الرحمن من لا يرحم.

إن المعركة -معشر المؤمنين- ليست سياسية ولا اقتصادية ولا عنصرية، إنها معركة عقيدة في صميمها، إما كفر وإما إيمان إما جاهلية وإما إسلام، والمال سلاحٌ في هذه المعركة معشر الموسرين، فأنفقوا من مال الله الذي آتاكم، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم

خصصوا من كسبكم في كل شهرٍ جزءاً معلوماً، لنصرة مظلوم لكفالة يتيم لتفريج كرب مكروب لتعليم جاهل لقضاء دين مسلمٍ غارم لإعفاف شاب لهداية ضال لطباعة كتاب لتوزيع شريطٍ نافع، بشيء يجري عليك بعد الممات: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [الأنفال:٦٠].

السير حثيث لا منجد ولا مغيث فبادروا بالصدقة المواريث، ولا تيمموا الخبيث حركوا هممكم وأزعجوا، وحثوا عزائمكم وأدرجوا، وآثروا الفقير بما تحبون: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران:٩٢]

أيها المثري ألا تكفل من بات محروماً يتيماً معسرا

أنت ما يدريك لو راعيته ربما قدمت بدراً نيرا

ربما قدمت سعداً ثابتاً يحكم القول ويرقى المنبر

ربما أيقظت منهم خالداً يدخل الغيل على أسد الشرى

كم طوى البؤس نفوساً لو رعت منبتاً خصباً لكانت جوهرا

كم قضى اليتم على موهبة فتوارت تحت أطباق الثرى

إنما تحمد عقبى أمره من لأخراه بديناه اشترى

يا رجال المال! هذا وقتكم آن أن ينفق كلٌ ما يرى

يا بن الإسلام! أيها الموسر! اجعل كنزك في السماء، فإن قلب المرء عند كنزه، مالُك ما قدمت الباقي ما أنفقت، الزائل ما أبليت وأفنيت وأبقيت وأقنيت.

فبادر وبادر بدون انتظار إذا كنت أهلاً لخوض البحار

فلا يعقر الكلب من يرحمه ولا يصرع النمر من يطعمه

والنعيم لا يدرك بالنعيم.

يا معشر المؤمنين! ويا معشر الموسرين! أما إنه ليس القصد ألا يملك الإنسان الدنيا قطعاً، ولكن القصد ألا تملك الدنيا الإنسان، فلا تتحول الوسائل إلى أهداف، فنعم المال الصالح للعبد الصالح، نعم.

العبد الصالح:

فترى الدنيا انطوت في كفه ليس منها ذرة في قلبه