للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الهداية الحقة احتكام إلى الوحي]

الهداية على الحقيقة تحولٌ جذري في السلوك والفكر، والتصور والمعتقد، والشعور والانتماء والمعاملة، والظاهر والباطن، إنها باختصار إسلام النفس لله وحكمها بوحي الله، أقوال المهتدي حقاً، وأعماله، وعطاؤه ومنعه، وحبه وبغضه، ومعاملته؛ لوجه الله، لا يريد بذلك جزاءً من الناس ولا شكوراً، ولا ابتغاء جاهٍ عندهم، ولا طلب محمدةٍ ومنزلةٍ في قلوبهم، ولا هرباً من ذمهم، قد عدَّ الناس بمنزلة أهل القبور، لا يملكون ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، عرف الناس فأنزلهم منازلهم، وعرف الله فأخلص له، وأصلح ما بينه وبينه، فمقاله: أسلمت وجهي لله.

همه لله لا في غيره ولأجل الله مولاه خضع

وحاله:

عملٌ أريدَ به سواك فإنه عملٌ وإن زعم المرائي باطلُ

فإذا رضيت فكل شيءٍ هينٌ وإذا حصلت فكل شيءٍ حاصلُ

هاهو أبو العاص بن الربيع رضي الله عنه زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجلاً مأموناً يتاجر في أموال قريش، واقتنع أن دين الله هو الحق، وأسلم سراً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع ليرد الأموال، فقيل له وهو عازمٌ على أن يؤدي الأمانات إلى أهلها في مكة: هل لك أن تأخذ هذه الأموال، إنما هي أموال المشركين؟ فقال في اعتزاز المسلم وأمانته وطهره، وتحوله عن كل جاهلية: بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي.

رعدٌ يجلجل يخلب لبك، ويأخذ سمعك، وتحولٌ عظيم يزأر صاحبه وحاله:

على المال والجاه حرص الجميع فمن ذا على دينه يحرص؟

ومن يعرف الله لا ينقصُ

أنا لله وليٌ لا لعزى أو مناة أنا شمس ليس تطفى بهبوب العاصفات

ما حقيقةٌ كخيال، وما آلٌ كبلال.