للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علم الله المطلق]

لا إله إلا الله! علم البشر علم قاصر ضعيف قليل؛ فما وراء هذه الجدران نجهل منه الكثير ولا نعلمه؛ بل لا نعلم أنفسنا التي بين جنبينا، لكن الله يعلم ذلك، ويعلم ما هو أعلى من ذلك، فما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض، ولا رطب، ولا يابس إلا في كتاب مبين، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم ما تُسِرهُ الآن في سريرتك، ومَن بجوارك لا يعلم ذلك؛ يعلم ما ينطوي عليه قلبك بعد مائة عام، وأنت لا تعلم ما ينطوي عليه قلبك بعد دقائق أو ساعات.

إنه العلم الكامل المطلق، علم الله السميع العليم الخبير {يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النحل:١٩]، {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:١٩] يعلم ويسمع ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء، في الليلة الظلماء، لا إله إلا هو!

هو الذي يرى دبيب الذَّر في الظلمات فوق صمِّ الصَّخر

وسامع للجهر والإخفات بسمعه الواسع للأصوات

وعلمه بما بدا وما خفي أحاط علمًا بالجليِّ والخفي

{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [المجادلة:٧].