للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المخرج بالجهاد]

ولنعلم أن أعلى درجات العبودية، ودرجات المحبة التي يدَّعيها هؤلاء الناس تكمن في الجهاد في سبيل الله -عز وجل- الذي هو ذروة سنام هذا الدين، يقول الله عز جل: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة:٢٤] وفي هذا وعيد من الله عز وجل.

انظروا ماذا حل ببلاد المسلمين من النكبات ومن الذل! بسبب تركنا لعبودية الله، ومنها: ترك الجهاد في سبيل الله -عز وجل- ولو نظرنا أو تفكرنا في واقعنا الذي نعيشه جميعاً، وكلٌّ منا يتفكر، متى مر بك يوم من الأيام فقرأت الصحف أو سمعت نشرات الأخبار العالمية، ولم تسمع زلزالاً، أو فيضاناً، أو مجاعةً، أو انقلاباً، أو انفجاراً؟ أظن أنه لا يوجد يوم أبداً إلا وهذه البلايا تأتي، وهذه المصائب وهذه النكبات تمر، قد جلَّى الله عز وجل ذلك فقال {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف:٩٦] هذه نتيجة عدم الإيمان بالله عز وجل.

إنَّ العالم البشري نتيجة عدم تحقيق العبودية لله -عز وجل- ضربه الله تعالى بهذه المصائب، وبهذه النكبات التي لا تخلو منها نشرة أخبار، ولا يخلو منها بلد، ولا تخلو منها جريدة ولا مقال، هذه النكبات بذنوب العباد، بل كما قال الله عز وجل: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:٣٠].

أليس في هذه النكبات عبرة؟! أليس فيها مجال للاعتبار لمن أراد أن يعتبر؟! أليس هناك من يتذكر أو من يعي؟! أليست هذه نُذرٌ للعذاب الأكبر الماحق، الذي سوف يدمر الله تعالى به هذا العالم، وهو القيامة الكبرى؟! بل قبل ذلك قد يأتي عذابٌ أعظم وأطم، إذا ضللنا الطريق، وساد واستشرى الناس، وأوغلوا في الشهوات، وفي اللهو، وفي اللعب، وفي الغفلة عن الله عز وجل، وعن اليوم الآخر، ونسينا المهمة التي من أجلها جئنا.