للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حكم تارك الصلاة]

السؤال

لقد سمعت من بعض الشيوخ أن من ترك الجمعة ثلاث مرات متتابعات فإن الله يختم على قلبه، ما هو مخرج من فعل ذلك، لأن السائل يقول: هو منهم؟

الجواب

نسأل الله العفو والعافية، نسأل الله أن يجنب قلوبنا وقلوبكم من هذه القسوة والغفلة والختم، فإذا كان كما قال الأخ هذا يختم ويطبع على قلبه إذا ترك الجمعة ثلاث مرات، ما الذي يجعل المسلم يترك صلاة الجمعة إلا مرض مستأصل قد قطَّع قلبه وغلَّفه، وهذا بعد ذلك لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، هذا من أعظم الذنوب، لأن ترك الصلاة جماعة غير الجمعة ذنب عظيم توعد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يُحرق البيوت، بل لولا ما فيها من الذرية لأحرق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيوتهم، لكن فيها نساء وفيها أطفال لا تجب عليهم الجماعة، فكيف بالذين يتركون الجمعة؟ هذا أعظم من ترك فريضة الجماعة، وهذا عيد المسلمين الأسبوعي.

ومما يؤسف له أن بعض الناس يستغلون يوم الجمعة في رحلات أو في أعمال لا تقرب من الله، بل ربما -أيضاً- يسهرون سهرات طويلة ليلة الجمعة على أفلام خبيثة ثم ينامون عن صلاة الفجر يوم الجمعة، وربما -أيضاً- عن صلاة الجمعة، وأسباب الشر كثيرة وهذه من أعظم الذنوب، لأن تركها كفر كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتركها يخرج من الملة، من ترك الصلاة عامداً متعمداً لم يؤدها فقد خرج من الملة حتى إذا صلى عاد إلى الملة -نسأل الله العفو والعافية- والأحاديث في ذلك كثيرة لا يتسع المجال لسردها.

ما هو المخرج؟ المخرج من كل ذنب هو التوبة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والاستعانة بأهل الخير ليعينوه وليذكروه بالله، ويحضر مجالس الذكر، ويوصي جيرانه وأقرباءه وأهله بأن يوقظوه إن كان نائماً عن صلاة الفجر أو غيرها، ويستعين على نفسه وعلى شيطانه بدعائه الله بالهداية؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل الهداية بالمجاهدة {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩].

لكن الذي لا يصلى ويقول: كيف المخرج؟ فالمخرج منك أنت، وفي أمور دنيانا لا نسأل عن مثل هذا المخرج لأن الواحد منا يكدح ويعمل ويجتهد في دنياه فلا يقصر أبداً، فلا يمكن للإنسان أن يقول ماذا أفعل وهو جالس لا يعمل؟ فهو لا يقولها لك في أمور الدنيا إلا بعد أن يقول: حاولت وتعبت ولم أجد وظيفة، إذاً ابحث لي عن شيء.

فكذلك في هذا نجتهد أننا نطيع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:٦٩] كلنا نحب النوم، والرحلة، ونحب الراحة، لكن يجب أن نُرغم أنفسنا على طاعة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثم نرتاح ونرتحل في غير الأوقات التي أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها بعبادته وطاعته.