للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مجالس الغيبة والنميمة]

السؤال

كثير من المجالس يحدث فيها الغيبة والنميمة، وكذلك الاستهزاء بالملتزمين، فما الحكم في ذلك؟

الجواب

هذه الغيبة والنميمة وهذه المجالس، كل إنسان منا يجب أن يتقي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن يعلم كما قال عز وجل: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:٣٦] {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨].

ويوم القيامة ماذا يقول المجرمون إذا رأوا الكتاب: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف:٤٩]، ويقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ما من قوم جلسوا مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا كان عليهم ترة يوم القيامة} كان نقيصة وحسرة وندامة عليهم يوم القيامة، لأنهم جلسوا ولم يذكروا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لو جلسوا وتحدثوا فقط في دنيا حلال وقاموا، لوجدوا أن هذا نقص يوم القيامة، فكيف إذا كان الحديث في الحرام، نسأل الله العفو والعافية.

ما الذي يكب الناس على مناخرهم في النار، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لـ معاذ {ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم}.

ألا ترى أن كلمة من الغيبة والنميمة قد تفسد ما بين زوج وزوجه، وما بين قبيلة وقبيلة، وما بين قريب وقريبه.

إذاً من الذي قطع الأرحام؟ ومن الذي كان السبب في هذا الفساد العظيم؟ تلك الكلمة، الكلمة التي قالها النمام أو قالها المغتاب، وهذه الغيبة هي جزء مما يجب أن نذكر أنفسنا به -جميعاً- وهو حق المسلم على المسلم، ونحن في ما بين الله عز وجل وبيننا في تقصير شديد، ولكن هو أخف مما بيننا بعضنا مع بعض.

ونحن بالذات في هذه المناطق وهذه القبائل نخشى أن نجاهر -والحمد لله- بكثير من المعاصي من فضل الله، لكن مع بعضنا بعضاً فلا نبالي أن نجاهر ولو برفع السلاح في وجه المسلم، وهذه هي الجاهلية بعينها، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {سباب المسلم فسوق وقتاله كفر}.

انظروا هذه المصيبة، يقول في خطبته في يوم النحر أو في يوم عرفة: {لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض} هذه أعمال الكفار، أعمال الجاهلية، ويجب أن تتقي الله من الغيبة والنميمة والفساد والمضاربات والمنازعات، وكل ما يخل في حق أخيك المسلم.

إن المسلم عند الله هو كل من قال: لا إله إلا الله، لكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي لنا بمفهوم آخر يصحح به نظرتنا: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده} هذا هو المسلم، وإلا دعوى لا إله إلا الله كثير من يدعيها، مجرد الصلاة كثير يصلي لكن إذا لم يسلم المسلمون من أذاه فلم يحقق حقيقة الدين ولا حقيقة الإسلام.

لماذا قدم اللسان على اليد؟ هذا -والله أعلم- لأن أصل كل شر هو من اللسان، حتى الاقتتال باليد يسبقه التخاصم والتلاعن -نسأل الله العفو والعافية- ثم يكون التماسك بالأيدي، فاللسان إذا حفظناه فهو حجاب لما بعده، هذه قاعدة -مثلاً- وعليها أمرنا الله أن نغض النظر عن النساء، فإذا غضضنا النظر عن النساء لم نقع في الزنا، وأمرنا الله أن نجتنب الشبهات، فإن كنت لا أعرف هذا أحلال أم حرام أجتنبه، فإذا اجتنبت الشبهات لم آكل من الحرام، فهذه قواعد شرعية عظيمة، حتى يكون كل إنسان يتوقى بترك الأخف حتى لا يقع في الأعظم، فنتوقى أن نؤذي المسلمين بألسنتنا، وبذلك نضمن -بإذن الله- أننا لن نؤذيهم بأيدينا، والله أعلم.