للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاحتجاج بأن الإيمان في القلب]

السؤال

إذا أردت أن أنصح إنساناً يقول: الإيمان في القلب، رغم أن سلوكه مخالف لذلك، فماذا أجيب مثل هذا وفقكم الله؟

الجواب

أولاً: نسأل الله أن يهدي مثل هذا الإنسان {وَكَانَ اْلإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف:٥٤] إن كانت المسألة بالجدال؛ فإنه يقدر أن يقول: الإيمان في قلبي، ويقول: أنت ما اطلعت على قلبي، ويقول: وما أدراك أني كذا وكذا، كل هذا يقوله جدلاً.

أما إن كانت محبة ونصيحة، يقول: جزاك الله خيراً وأحسن الله إليك، ويعمل بالنصيحة، هذا الذي يجب، وهذا الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم إذا ذكّر بالله وإذا نصح، النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ يقول: {التقوى هاهنا، التقوى هاهنا} نعم، لماذا قالها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالها ليبين لنا معنى الحديث الآخر الصحيح {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم}.

لماذا؟ لأن بعض الناس يمكن أن يعمل الطيب، ويظهر بمظهر حسن، ويظهر مع المتقين في المظهر وقلبه خالٍ من الإيمان، فهذا نقول له: التقوى في القلب، اجعل قلبك يخشع لله، ويجب أن يعلم أن التقوى في القلب لا في المظهر.

لكن إنسان يأتي ولا يوجد له مظهر فهذه حالة أخرى لا نعكس دين الله، لا نجعل هذا لهذا وهذا لهذا، فقد جعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى محل دواء لداء، ولو أعطيت دواء لداء آخر ما صلح، فدواء الذي يظن أن الدين مظهر وقلبه خاوٍ من الإيمان أن يعلم أن الله إنما ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، فيتق الله في قلبه ويؤمن بالله في قلبه، ولا يظن أن المظهر يكفي، والعكس الذي لا مظهر له من مظاهر الخير ولا يحرص عليه ويدعي أن الإيمان في قلبه، نقول له: أين هذا الإيمان، أين ثمرته، أين نتيجته؟ ما نكذبك -إن شاء الله- عندك إيمان، ولكن أظهر ثمرة هذا الإيمان، يجب أن نراها، وإلا فإنها دعوى، وأي دعوى لا يصدقها البرهان أو الدليل لا تقبل، فنحن والله لا نخشى إلا على الذين يُحبون الخير ويحرصون عليه، ويؤدون الجماعة والجمعة، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، نخشى عليهم أن تكون قلوبهم فيها ضعف إيمان أو خالية منه، عافانا الله وإياكم.

أما ذاك الذي لا يأتي هذه الأفعال ولا يعمل من أعمال الخير شيئاً، ويدَّعي الإيمان هذا والله على خطر عظيم، نخاف على ذلك، فكيف خوفنا على هذا الذي لا يعمل شيئاً أبد.

نسأل الله أن يهدي قلوبنا وأن يصلحها، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو القدوة في ذلك وهو أكثر الناس إيماناً، وكذلك أصحابه كانوا أكثر الناس امتثالاً وطاعة وعملاً، لأنهم كانوا أكثر إيماناً في قلوبهم.