للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الموضوع]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا, إنك أنت العليم الحكيم.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهك الكريم.

أما بعد: فلا يخفى على أحد أن أمر الدعوة إلى الله هو أهم أمر يجب أن يشغل بال المسلم بعد همه، بأن يكون في نفسه وأهله وخاصته مستقيماً على أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, ولا يكون لك ذلك إلا بالاهتمام بأمر هذه الدعوة، وقد كان الإنسان عندما يتحدث عن أمر الدعوة, إنما يريد المحيط الذي يعيش فيه -المسجد وما حوله- ولكننا في عصر أصبح الكلام فيه كلاماً عن الواقع العالمي كله شئت ذلك أم أبيت.

إن الأحداث العالمية أصبحت تترابط, وإن الواجب الكبير الذي غفلت عنه الأمة الإسلامية بالنسبة للدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليحتم على كل من يستطيع ولو بشيء من التذكير أن يقوم بهذا الواجب, ومن هنا فإن طابع الحديث عن المرحلة المعاصرة للدعوة، سيكون طابعاً شمولياً لا يتحدث عن بيئة معينة، ولا عن وضع بذاته.

وإنما ننطلق جميعاً من أسس واضحة، وحول قضايا عامة لا تهمنا وحدنا بل هي الآن وحتى هذه اللحظات محل دراسة الشرق والغرب، ومحل اهتمام كثير ممن نعلم ومن لا نعلم.

ونحن وإن كنا -شباب الإسلام- في غفلة عما يراد بنا وعما يخطط لنا, فإن العالم من حولنا ليس غافلاً عنا, وإنما نحن نعتصم بحبل الله ونحن نتوكل عليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونحن كلنا نثق بأن الله سوف ينصر هذا الدين, ويظهره على الدين كله ولو كره الأعداء من الكافرين والمنافقين والمجرمين والمرجفين.

هذه المرحلة التي نعيشها وتعيشها الدعوة هي أخطر مرحلة مرت بها في التاريخ الحديث.

ونحمد الله أن تاريخنا دائماً مرتبط بالدعوة، فإن افتتاح الدعوة في العصر الحديث يبدأ بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ويبدأ تاريخنا الحقيقي في حياتنا كلها دائماً بالدين والدعوة وبتاريخ الإنسانية وبآدم عليه السلام، وهو نبي من عند الله، وكان على التوحيد هو وأبناؤه عشرة قرون, ثم الأب الثاني نوح وهو أول الرسل, ثم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي يبتدأ تاريخ هذه الأمة به.