للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[علماء السوء]

السؤال

الحقيقة هنا إشكال ورد في عدة أسئلة وهو ما أصدره مفتي الديار المصرية من فتوى بجواز وإحلال الفوائد الربوية، فنرجو تعليقكم -جزاكم الله خيراً- لأن الأسئلة حول الموضوع هذا كثيرة؟

الجواب

نسأل الله العافية! فشر الناس من باع دينه بدنيا غيره -عافانا الله وإياكم من ذلك- وما أحبَّ مثل هؤلاء الناس إلى أهل الشر، وأكلة أموال الناس بالباطل، وأصحاب الطمع المادي الذين لا يبالون بحلال ولا بحرام؛ ليتمندلوا بأمثال هؤلاء الذين يفتون بغير علم، فيجعلونهم وقايةً -كما يزعمون ويظنونهم- وقاية لهم من النار، يعني وبالمثل العامي 'وكِّل بها عالم وامش سالم'! لا لا سلامة من الإثم ولا من الحرام أبداً؛ لكن اللوم ينصب على هؤلاء الذين يفتون بغير علمٍ، نسأل الله العفو والعافية.

لا نقول إنهم بالضرورة لا يعلمون الأحكام، ولكنهم في حقيقة الأمر ما علموا مما أحله الله وما حرمه الله لم ينفعهم في العلم بالله، ولو كان لديهم العلم بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لما حكموا بخلاف ما حكم الله عز وجل وفتحوا باب الشر في هذه المسائل العظيمة.

فإذا كان الربا حلالاً، فآيات الربا التي في القرآن ما معناها؟! أهي أحرف مكتوبة هكذا لا معنى لها؟! ما معنى تحريم الربا إذن؟ وما هو الذنب الذي توعد الله تبارك وتعالى عليه بقوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:٢٧٩] وكتب الأحاديث التي فيها أبواب الربا في كتب الفقه جميعاً، ماذا تعني؟ وأقوال الفقهاء في كل كتب الفقه عن حكم المرتد، وقولهم 'والمرتد من استحل شيئاً مجمعاً على تحريمه، أو معلوماً تحريمه بالضرورة من الدين' ما معنى هذه القواعد، وهذه الأدلة، وهذه النصوص إذا كان الربا في صورته الجاهلية المقيتة حلالاً -كما يزعم هؤلاء الذين يفتون وهم مضلون؟! وصدق فيهم قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {حتى إذا هلك العلماء، اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علمٍ، فضلوا وأضلوا}.

وأكرر أنه قد لا يكون جاهلاً بالمسائل، ولكن يكفي أنه جاهل بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وجاهل بحق الله على عباده من الطاعة والاتباع، وجاهل بمقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال الله تعالى فيه: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:٦٥].

وقد أنكر صلوات الله وسلامه عليه الربا إنكاراً شديداً.

وهذا المفتي جاهل بمصالح الناس أيضاً، فإن القانونيين في جميع أنحاء العالم ممن نظر نظرةً مجردة متجردة، قالوا: إن الربا آفة تدمر الشعوب، وتدمر الاقتصاد، بأي شكل من الأشكال، فهؤلاء المفتونون خالفوا المعقول، وخالفوا المنقول، نسأل الله العفو والعافية.