للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصحوة في الجزائر والعبرة منها]

ظهرت حادثة -ومع الأسف الشديد- وقليل من كتب وحلل عنها، ولكنها بارزة ومهمة، ويجب أن نعيها تماماً، وهي الحادثة التي وقعت في الجزائر، فأحداث الجزائر فيها عبرة كبرى بالنسبة لنا المسلمين جميعاً.

قام الشيوعيون بإخراج (ثلاثة آلاف) امرأة في مظاهرة لإلغاء قانون الأسرة، لأنه مأخوذ من الشريعة الإسلامية جملة وكذا في كثير من تفصيلاته، ثم أخرجت جبهة الإنقاذ مليوناً ونصف امرأة، مع مليون من الرجال، خرجوا بمظاهرة يطالبون بالإسلام.

وكان ذلك الوجود الضخم الذي أزعج الصحافة الغربية والشرقية معاً، ولم يكن في الأمر أية غرابة، لماذا لم تصنف على أنها محاولة إعادة بناء؟! لماذا يحرم علينا نحن المسلمين فقط إعادة البناء؟ لماذا لا يقال: هذا من حقهم، كما أن من حق التشيكي والألماني الشرقي والروماني أن يثور، وأن يغير وأن يتراجع؟ لماذا لا تراجع هذه الأمة نفسها؟! الذي حصل مع التعتيم الإعلامي إن بعض الصحف الغربية أوردت تصريحاً لـ شيراك رئيس فرنسا الدولة الأولى التي يهمها موضوع الجزائر قال فيه: 'لو أن هؤلاء الأصوليين نجحوا في الحكم، لتدخلت في الجزائر كما تدخل بوش في بنما '.

وهذا يُعبر عن الحقيقة التي سوف يأتي يوم من الأيام، ونراها كواقع مشهود.

وهي أنه في حالة تضاؤل الأحزاب الشيوعية في العالم الإسلامي وهي متضائلة ومتهالكة -بإذن الله- وفي حالة عجز وفشل الأنظمة الموالية للغرب في العالم الإسلامي من احتواء الصحوة الإسلامية والقضاء عليها وتفكيكها، وهي عاجزة وفاشلة -بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وخائبة في ذلك، ففي هذه الحالة لن يجد الغرب بديلاً إلا أن يتدخل بنفسه عسكرياً في العالم الإسلامي، وهذا ليس بغريب عليهم، فلقد تدخلوا في أفغانستان وفي مناطق أخرى، وأحداث أذربيجان ليست ببعيدة، وإن كانت هي داخل الستار الحديدي، ومعاملة أذربيجان غير معاملة لتوانيا وجمهوريات البلطيق مع أن الحزب والدولة واحدة والنظام واحد، وخروج القوات الروسية من أفغانستان لا يتعارض واقعها مع هذه الحقيقة لأسباب منها: أولاً: أن الاتحاد السوفيتي أخرج القوة العددية الجسدية، لكن المساعدات والقوافل الضخمة من الأسلحة والعتاد تتدفق يومياً أو شبه يومي -متى ما استطاعوا- إلى داخل أفغانستان.

ثانياً: أن الوضع هو محاولة ترتيب وتخطيط لما سوف ينتج بالنسبة لمحاولة إثبات حسن النيات، كما تم حكم النيابة بالنسبة لـ أوروبا الغربية، وبعد ذلك عندما تتوحد النظرة إلى حدٍ ما في القضايا الدولية، فسوف نجد أن القرار لن يكون قراراً روسياً هنا، ولن يكون قراراً فرنسياً بالتدخل في الجزائر أو في غيرها وهنا الخطر! لأن القرار سيكون قراراً صليبياً تجمع عليه أوروبا شرقها وغربها والولايات المتحدة الأمريكية ومن دار في فلكها، وهم جزء من الغرب، وسوف يجمع هؤلاء على هذا القرار، سواءٌ كان احتلال أية بقعة من العالم الإسلامي أو أي تدخل مباشر في أي بقعة من العالم الإسلامي، وهذا يضاعف مخاطر مستقبل الصحوة الإسلامية، رغم يقيننا بأن النصر للإسلام -بإذن الله- ولا شك في ذلك.

ولكن هذا ليحفزنا إلى البناء الحقيقي، بناء العقيدة، والإيمان في القلوب، والمواجهة الجادة المخطط لها، لمواجهة هذا العدو الماكر القوي الخبيث.