للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السلطة في منظور القوانين الوضعية]

كان الناس في أوروبا في فترة القرون الوسطى -وهي بالنسبة لهم عصور مظلمة- يسيطر عليهم فيها رجال الدين والملوك الظالمون الجائرون والإقطاعيون وكل أنواع الطواغيت، والتي يقابلها في التاريخ الإسلامي عصور سيادة الإسلام وغلبته على الأرض، ففي تلك العصور إلى أن ظهرت الثورة الفرنسية كان الناس يعتقدون في الغالب أن للملوك أو الأباطرة حقاً إلهياً مقدساً، فهم يحكمون نيابة عن الله، والبابوات يصححون لهم هذا، فكل ما يتخذونه من أحكام وما يصدرونه من قرارات هو في قوة الوحي المنزل الذي لا يقبل النقاش، فالسيادة وحق التشريع كان لهؤلاء الملوك أو الأباطرة أو الإقطاعين، ومعهم رجال الدين، الأحبار والرهبان الذين قال الله تعالى فيهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة:٣١] وقد وضح هذه الآياة ووضحها حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه، وفيه أنهم كانوا يطيعونهم ويتبعونهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام، فالحق لهم كان حقاً إلهياً مقدساً، فيشرعون ما شاءوا، وهذا التشريع مستمد من الله، ويسمونها نظرية الحق الإلهي، وهذه النظرية هي النظرية التي كانت سائدة في أوروبا.