للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من صفات أهل السنة والجماعة]

السؤال

لعل هذا الحديث يجرنا إلى الحديث عن منهج أهل السنة والجماعة وهي الطائفة المنصورة بنص حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهل يمكن أن نحصل على أهم ملامح لمنهج هذه الطائفة؟

الجواب

هي كثيرة، ويمكن أن نجملها في أنها متبعة للكتاب والسنة، أي: ما كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، كما جاء في بعض روايات حديث الافتراق.

وأنها تحيي الدين وتجدده، بل وتقاتل عليه كما جاء في بعض الطرق الصحيحة: {لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين لا يضرهم من خالفهم} فهم يحيونه أمراً بالمعروف، ونهياً عن المنكر، وجهاداً في سبيل الله عز وجل.

هذا أعظم ما يميزهم أنهم أهل اتباع، وليسوا أهل ابتداع، وأنهم أهل دعوة كما ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:١٠٨].

فهم أهل دعوة وأهل أمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، وهم أولى الناس بقوله تبارك وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:١٠٤].

ويتجلى أمرهم ودعوتهم في بيان الحق وتبيلغ السنة وإحيائها، سواء منها السنة الاعتقادية أو العملية أو القولية، إلى أن يصل الأمر إلى إنكار المنكر باليد، ثم إلى أن يصل إلى جهاد الكفار والمنافقين، وهو أعلى درجات الجهاد، كل ذلك من صفات أهل السنة والجماعة.

كما أن من أعظم ملامحهم صفاتهم: التأسي برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابته الكرام في التخلق بأخلاقهم، والتأدب بآدابهم، فهم يجمعون بين صحة الاعتقاد وصحة المنهج الدعوي، واستقامة الأخلاق، والسلوك والمعاملة مع الخلق.

ويترتب على ذلك أنهم أعدل الناس مع الناس، ولو اختلفت جميع الفرق فإن الذي يحكم بينهم وينصف بينهم هم أهل السنة والجماعة، لأنهم أعظم من قام بقول الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام:١٥٢]، فهم أعدل الناس، وهم أرحم الناس بالناس، ولذلك من عدلهم ورحمتهم أنهم يُخطِّئون ولا يكفرون إلا من كفَّره الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثبت عنه ذلك، وتوفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع.