للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهل السنة والجماعة وتكوين تنظيم لهم]

السؤال

نعود للحديث عن الفرقة الناجية، فرب سائل يسأل ويقول: كثر الحديث عن أهل السنة والجماعة، وكل يأمل أن يكون من أهل السنة والجماعة، ويسأل أين هذه الفرقة الناجية لكي ننضم إليهم؟ فما الجواب يا شيخ؟

الجواب

إن فإن الوصية من الله تعالى ورسوله بالجماعة والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يلزم منه أمران: الانضمام إليهم عضوياً، وهذا هو الذي يشكل على الناس اليوم.

يقول: أين هم كأعضاء؟ وكيف أنضم إليهم عضواً وفرداً؟ ولكنه يشمل -أيضاً- ما هو أهم من ذلك، وهو الانضمام إليهم معنوياً، أي أن يكون الإنسان على منهجهم، ومتبعاً لآثارهم، ومقتدياً بهم، وهذا هو الأصل.

فالمنهج هو الأصل، والاجتماع إنما يكون على المنهج، فالأفراد يجتمعون وفق المنهج، وعلى هذا فمن جهة المنهج فإنه موجود والحمد لله، وهو محفوظ بحفظ الله عز وجل، وهو ميسر لمن أراده.

أما الأفراد، فإنه لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، ولا تخلو الأرض من أهل السنة والجماعة؛ بل هم موجودون ومنتشرون، لكن الذي قد يخطئ فيه بعض الناس، تصورهم أن أهل السنة والجماعة لا بد أن يكونوا بالضرورة حزباً سياسياً معيناً أو حزباً من الأحزاب الموجودة على الساحة، وأن الذي ينضم إليهم يكون منهم، والذي لا ينضم إليهم لا يكون منهم.

وهذا غير صحيح؛ لأن صور التجمع العضوي تختلف بحسب العصور والأحوال، وأما الاجتماع في ذاته، فإنه مطلوب ولا شك، لكن تختلف صورته بحسب مقتضيات ذلك الاجتماع، فقد يجتمعون في عمل من أعمال الخير والدعوة، وقد يجتمعون اجتماعاً عضوياً متكاملاً، فيما لو اقتضى الأمر أن يكونوا كالجسد الواحد فعلاً، للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الجهاد في سبيل الله عز وجل، كما يكون في بعض المجتمعات وأن يكون تحت إمارة واحدة، وجهاد واحد في سبيل الله عز وجل.

والحمد لله، نحن نرى بوادر الخير في العالم الإسلامي، من وجود هذه التجمعات أو المدارس على اختلافها، وكلها -والحمد لله- على منهج أهل السنة والجماعة، الذي هو الأساس، مع أن بعضهم لهم نوع اجتماع يختلف عن الآخرين، بل أنواع مختلفة من الاجتماع، كمدرسة, أو جامعة، أو عمل دعوي، أو غيرها، فهذه كلها موجودة، ونرجو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يُبارك هذه الجهود، وتكون نواة للاجتماع العام الكبير المنشود لـ أهل السنة والجماعة في هذه الدنيا، حتى يكونوا يداً واحدة من شرق الدنيا إلى غربها، يحاربون أهل الشرك والكفر، وأهل البدع والضلالة.