للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فكرة توافق مصالح الإسلام والغرب]

السؤال

يقول البعض: أنتم تبالغون في النظرة نحو الغرب بأنه يكره الإسلام والمسلمين ويخطط للقضاء عليهم، وإنما هي توافق مصالح، فأرى أن مصالحه الآن تتوافق مع الإسلام ومع المسلمين فنسعى نحو هذا التوجه، فما رأيكم؟

الجواب

نعم، هذه التهمة تُقال، وقد وجهت إلينا كثيراً وإلى من يشاركنا في هذا، ولكن نحن نقول: أولاً: حقيقة إن هذه التهمة ليست موجهة إلى الأشخاص الذين يتحدثون عن خطر العداوة اليهودية والنصرانية بقدر ما هي موجهة إلى أصل العقيدة وإلى أصل نظرتنا إلى اليهود والنصارى، كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فالله عز وجل هو الذي أخبرنا في كتابه الكريم أنهم سيظلون أعداء لنا وأنهم سيعادوننا في آيات كثيرة جداً.

كما ذكر الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:٥١]، وقال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة:١٠٩]، وآيات كثيرة لا نستطيع أن نأتي عليها ولا على بعض منها أو بعض من الأحاديث في هذا الشأن، أما التاريخ فهو شاهد كبير وواضح جداً على هذا.

لكن ننتقل إلى الواقع المعاصر الآن نقول إن كانت المسألة مسألة مصالح، فلنأخذ بعض الأمثلة: اسأل أي مثقف أمريكي: ما مصلحة أمريكا من إسرائيل؟ مع أنها هي الأمة المادية التي لا تؤمن إلا بالدولار.

ولا تعبد إلا الدولار، كل فرد في أمريكا لو تأمل لوجد أنه يدفع الضرائب من دخله الفردي الخاص لهذه الدولة.

وأنه يعطيها أرقى أنواع الأسلحة، وأن إسرائيل تشترط أن كل سلاح يصبح قديماً فإنها تعيده إلى أمريكا وتأخذ بنفس ثمنه السلاح المطور، وأن إسرائيل خارجة خروجاً واضحاً عن كل ما تلزم به أمريكا دول العالم الأخرى، بل حتى ما تلتزم به أمريكا لا تلتزم به إسرائيل.

وهذا تدليل عجيب ظاهر، مع أن مصالح أمريكا توجد في العالم الإسلامي، مثل: البترول وهو أهم مصالحها، وكذا المصالح الاقتصادية، والثروة السكانية، أو التجمع السكاني الكبير الاستهلاكي، الذي يستهلك كل المنتجات الأمريكية هو يوجد في العالم الإسلامي وهكذا، الولاء من الحكومات العربية أكثر من ولاء حكومات الدول الأخرى، ومع ذلك كيف تنظر أمريكا إلى هذه الدول؟ وكيف تنظر إلى هذه الشعوب التي فيها الطاقات المخزونة، وفيها سوق الاستهلاك والإنتاج، وفيها أيضاً الحكومات والأحزاب العلمانية الموالية لها؟ إنها تنظر إليها نظرة مجحفة تماماً، فهي لا تعدها شيئا ولا تنظر لها ولا تعتبر لها أية قيمة، مع أنها تشكل تكتلاً بشرياً وجغرافياً هائلاً جداً، وإسرائيل قطرة في هذا البحر! كيف يمكن أن يفسر هذا إذا نظرنا إلى الأمور نظرة مادية مجردة؟! المثال الآخر: ننتقل إلى مثال آخر غير أمريكا، وهو الاتحاد السوفيتي، والذي يهمنا هو سؤال واحد: لماذا تكون مسألة المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي هي أعظم وأهم المسائل التي يبحثها الرئيسان في عدة اجتماعات؟ والتي بناءً عليها جعلت أمريكا الاتحاد السوفيتي الدولة التي تعامل معاملة الأفضل بشرط السماح بهجرة اليهود إلى إسرائيل، والنظر إليها على أنها قضية إنسانية مع أنها حتى الجانب الإنساني مفقود؛ لأن حشر مجموعة من الناس بالقوة وتحديد مسارات معينة لهجرتهم ولرحلتهم إلى مكان معين وينزلون فيه بالقوة، ثم منعهم من الخروج من هذا البلد بالقوة، هذا لا يمكن أن يقال بأنه عمل إنساني، ومع ذلك فإن هذا هو الواقع أيضاً بالتعاون بين أمريكا وبين روسيا.

ثم ننظر إلى كيفية تعامل روسيا وأمريكا والغرب مع الصين أو كيف يعاملون الهند؟ نجد أن التعامل يختلف جداً، فلا شك أنها عداوة دينية كما ذكر الله تبارك وتعالى وكما يشهد بها التاريخ، وكما يشهد بها العاقل المنصف المتأمل في الواقع المعاصر، وأنه لو حدثت مبالغات من بعض الناس أو بعض العبارات، فالمبالغة لا تعتبر، لكن الأصل يظل صحيحاً وسليماً.