للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النصيحة]

يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جانب المعاملة وجانب الحقوق: {الدين النصيحة} انظروا! كيف كانت الجملة! مبتدأ وخبر، مسند إليه ومسند، بأبلغ وأوجز ما يمكن من العبارات، ولكن ذلك يشمل الدين كله، والخير كله، والبر كله، ولهذا لما قال أصحابه صلوات الله وسلامه عليه وعليهم جميعاً: لمن يا رسول الله؟ قال: {لله ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم} أي: وكأن الدين كله تجمعه كلمة واحدة، وهي كلمة النصيحة، فلا بد أن يكون المسلم ناصحاً.

والنصيحة تجمع أمرين: تجمع الإخلاص، وتجمع الصدق، فكأنك بهذه الكلمة تقول: كن مخلصاً وكن صادقاً، فإن الرجل إذا نصحك، ولو كان كلامه، وتوجيهه وإرشاده لك حقاً، ولكن لم يكن عن إخلاص، فإنه لا يُسمى ناصحاً، وكذلك لو كان مخلصاً في قوله، ولكن لم يكن صادقاً فإنه لا يُسمَّى ناصحاً.

فحقيقة النصيحة ما يجمع معنيين: الإخلاص والصدق، ولهذا قال الرسل الكرام: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} [الأعراف:٦٢] {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف:٦٨] فكأن عمل الدعاة يتلخص في أن الواحد منا يجب أن يكون ناصحاً أميناً، ينصح لهذه الأمة، كما بيَّن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ينصح لله أولاً، ولكتاب الله تبارك وتعالى، ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم للأمة خاصتها وعامتها، فلا بد أن يسأل الإنسان نفسه عن ذلك: هل أنا ناصح فعلاً؟ وهل نصحت؟ وهل قمت بهذا الواجب؟ هذه أسئلة لا بد للإنسان منا أن يتأملها مع نفسه ومع إخوانه في الله، لينظر ما موقعه من هذا الحديث الشريف العظيم، الذي هو من جوامع كلمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.