للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طرق الاهتمام بالمجتمع وفعل الخير]

كثير منا لا يفعل ذلك: وكثير منا يقول: وماذا نفعل؟! وماذا نصنع؟! هل ضيق الله تبارك وتعالى علينا طرق الخير ووسائل الخير التي بها نحقق هذا الواجب علينا؟ لا! يقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:٦٩].

أليس سبيل الله واحداً؟! قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:١٥٣].

إذاً: طريق الله واحد، وسبيله واحد، فعندما يقول هنا: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:٦٩]، هذه طرق الخير، فالخير له طرائق كثيرة! والجنة لها ثمانية أبواب، ومن الناس من يدخل من باب، ومنهم من يدخل من آخر، فلم لا تعمل يا أخي المسلم لكي تُدعى من أكثر أبوابها، إن لم يكن من أبوابها كلها؟! ابحث عن السبيل الذي أهّلك الله به ومكنك منه أن تدخل إلى الخير، وإلى رضا الله وإلى إصلاح حال هذه الأمة، فلا تتردد فيه ولا تدع الفرصة تفوتك منه.

اغتنم شبابك وعمرك ووقتك وما أُهِّلت له، لتدخل من هذا الباب إلى رضوان الله -تبارك وتعالى- وهداية الخلق، واعلم أن رجلاً واحداً يهديه الله -تبارك وتعالى- على يديك خيرٌ لك من حمر النعم، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم}.

واعلم أن {موضع سوط أحدنا في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس} كما أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

إذن: لماذا لم تبادر إلى أي عمل من أعمال الخير؟ لا تقل: ليس عندي إلا القليل من العلم! إن كنت طالب علم فابذل من هذا العلم، فما لديك فابذل منه، وتوقع أو تخيل أو تصور أنك أنت طالب العلم الوحيد في هذا الحي! أو أنك أنت صاحب المال الوحيد في هذا الحي، أو أنك أنت الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الوحيد في هذا الحي، لكي تعمل كثيراً ولا تستكثر أي عمل تعمله.

وإذا عمل كلٌ منا كذلك رأينا الخير -بإذن الله تعالى- يعم وينتشر في المجتمع كله، ولكن انظر إلى واجبك أنت، واعلم أنك لو لم تنفق إلا ريالاً واحداً، فلعلك تضع هذا الريال في يد رجل يرفع يده إلى السماء ويقول: اللهم بارك له، اللهم ارزقه، اللهم وفقه، فيبارك الله -تبارك وتعالى- لك في مالك وأعمالك، ويدفع عنك شراً عظيماً جداً بهذا الريال الذي وضعته وأنت لم تلق له بالاً، وربما قلت كلمة، فهدى الله تبارك وتعالى بها من لم تكن تطمع ولا يطمع غيرك أن يهديه الله تبارك وتعالى.

وليس شرطاً أن ترى ثمرة كلمتك الآن، ربما رميت الحبة وأنت تحرث أو تبذر الزرع فوقعت على حجر ولم تنبت شيئاً، ولكن قد يأتي بعد شهور أو أيام وتأتي الرياح وتأتي الأمطار وتدحرج تلك الحبة وتلقيها في الأرض وتنبت وتثمر وتصبح شجرة عظيمة، وجناها وثمرتها لك، وأنت لا تعلم، وأنت لا تدري متى ألقيتها وأين ألقيتها، لكن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وهو الذي ينمي ويربي الخير ويزكيه، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة من فضله وجوده تبارك وتعالى.

فلا تحقر شيئاً من الخير، ولا تحقر شيئاً من المعروف، ولو أن تلق أخاك بوجه طلق، تقول له: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وتصافحه؛ فتتحات ذنوبكما كما يتحات ورق الشجر، سبحان الله العظيم، فلماذا نفوت هذا الخير؟!