للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حضارة الغرب في الميزان]

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ونحمد الله تبارك وتعالى الذي وفقنا لنتحدث عن أمرٍ عظيم جليل يهم كل مسلم ومؤمن وغيور وداعية، ألا وهو مستقبل الحضارة الإنسانية، ومستقبل الجنس البشري على هذه الأرض.

لمن سيكون المستقبل في هذا العالم الذي يموج ويضطرب بالأحداث ويتفاعل بالقضايا؟ حتى أصبح هذا الكوكب الأرضي مسرحاً ومعتركاً للأفكار والآراء، وللحروب والعقائد المختلفة، فمن الذي سيفوز في النهاية؟ وأي دين أو جنس أو مبدأ سوف يسيطر على هذه البقعة من كون الله وخلقه؟ إن الحديث عن المستقبل لا بد أن يسبقه حديث عن الحاضر، فالحاضر هو الطريق إلى المستقبل، بل هو جزء منه في الحقيقة؛ لأنه بدايته، إذاً لا بد من النظر إلى الحاضر الذي نعيشه اليوم.

فمن الذي يقود الإنسانية؟ ومن الذي يتحكم في الجنس البشري؟ ومن الذي يسيطر -ولو ظاهراً- على هذا الكوكب؟ لننطلق بعد ذلك لمعرفة المستقبل، ولمن سيكون، والغيب عند الله تبارك وتعالى، ولكن الله قد أظهرنا على شيء منه فيما يتعلق بهذه القضية، وأودع سنناً كونية من تأملها، وكان لديه بصيرة بعواقب الأمور عرف ما ستؤول إليه الأحداث.

إن الحاضر الذي نعيشه اليوم لا يخفى على أحد ذي اطلاع في هذه الدنيا أن الحضارة المتحكمة في هذا الزمن هي الحضارة الغربية، ونحن عندما نتحدث عن أوروبا أو الحضارة الغربية فإننا نعني بذلك الامتداد الطبيعي، أو الفكري للقارة الأوروبية، أي: الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي بكلا النظريتين، وبجميع الدول التي تخضع لهاتين الفكرتين.