للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وفهمها]

السؤال

كثير من الإخوة يسألون عن كيفية الوصول إلى فهم كتب شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية وما هي الكتب التي تعين على ذلك؟ وكيف يمكن التعرف على عقيدة أهل السنة والجماعة؟

الجواب

بالنسبة لشَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية (ولا نقول ذلك تعصباً، ولا نقوله مجرد عاطفة، ولكن نقول ذلك حقاً وصدقاً) نقول: إن هذا الرجل نابغ وفذ, ولو أن شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية كان لدى أية أمة من الأمم, بل أنا أحدد وأقول: لو أن شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية ظهر في أوروبا , وظهر منه فقط ما يتعلق بالفلسفة والمنطق، لألَّهه الغربيون ولعبدوه؛ لأنهم أمة جاهلية، ألهت " نيوتن ".

يسمون " نيوتن " إله العلم.

ويسمون " دارون " إله العلم.

ويسمون " هيجل " إله العلم.

هكذا يطلقون عليه عياذاً بالله! ولا إله إلا الله! ونحن أمة لا تؤله إلا الله، عندنا لا إله إلا الله حتى رسول الله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو عبد ولا نؤله أحداً غير الله.

لكن نقول: هذه الأمة التي تعبد عظماءها ومفكريها، لو أن هذا الرجل كان منها لعاملته أشد من أولئك، لأنه سبق هؤلاء جميعاً في مسألة نقد الفلسفة والمنطق اليونانيين اللذين لم تقفز أوروبا وتنهض من كبوتها وتدخل في عصر النهضة إلا عندما تخلصت من الفكر اليوناني، ومن المنطق الصوري الذي فرضه أرسطو ومنهجه، ومن الفكر الفلسفي الذي فرض على أوروبا تقليدها وتبعيتها للفكر الإغريقي ولليونان وللجاهلية القديمة.

فيجب على كل طالب علم أن يحرص على اقتناء الكتب، ويبذل جهده لفهمها، ومع أن العصر، والأسلوب، والموضوعات كلها تختلف، ولكن كل شيء يستعان عليه بالمران وبالمراس؛ فمن قرأ له مرة ثم مرة، فإنه سيجد أسلوبه سهلاً شيقاً.

بل من يقرأ لشَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية رحمه الله, ثم يجد من ينقل عنه ولم يشر إلى هذا النقل، فتقرأ في ثنايا الكلام سطرين أو ثلاثة أسطر، فيقول لك قلبك: هذا من كلام شَيْخ الإِسْلامِ , وإن كان الرجل لم يذكر ذلك؛ لأن له أسلوباً متميزاً جداً في غاية القوة من الناحية اللغوية وبالمعاني العظيمة التي يتضمنها أسلوبه, ولا غرابة في ذلك؛ لأن الغذاء الذي تغذَّى به قلبه وفكره وعقله هو كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلام السلف الصالح.

فالفضل إذاً لذلك المنهج الذي أخرج ذلك الرجل وأمثاله، وسيخرج أمثاله بفضل الله تعالى الذي منَّ علينا بهذا المنهج الذي هو كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلام الصحابة والتابعين والسلف الصالح رضوان الله عليهم.

وبهذه المناسبة أكرر وأقول: إن بعضاًَ من كتب شَيْخ الإِسْلامِ ومن آرائه العظيمة التي ألفها تكاد تكون شروحاً لعبارات الإمام أحمد رحمه الله، وتعلمون ما أعطاه الله من الفضل، المنزلة، الكرامة، الإمامة في الدين.

فمن أراد الخير والحق والهدى، فليتعلق بهذا المنهج الكريم وبهؤلاء الرجال الأفاضل، وليأخذ من حيث أخذوا، وليتبع آثارهم وليقتد بهم، وسيكون -بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فاهماً لكلامهم، وداعية إلى ما دعوا إليه، وعاملاً كما عملوا وكما جاهدوا.

وأما الكتب التي تطلبون فهي معروفة لديكم, وأول كتاب أوصي به إخواني في الله هو كتاب الله عز وجل، كتاب الله: العقيدة، الأحكام, الإيمان، اليقين، الإخلاص، الإخبات الذي تحتاجه قلوبنا، الإنابة، التوكل، الرغبة عن الدنيا والرغبة في الآخرة، كل ذلك نحصل عليه وأضعافه إذا قرأنا كتاب الله عز وجل قراءة المتدبر المتفكر المتعقل، وقرأنا في تفسير السلف الصالح رضوان الله عليهم من التفاسير الموثوقة، وكذلك سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فقد حفظ لنا أئمة السنة رضي الله تعالى عنهم أبواباً عظيمة أو كتباً ضمن السنن؛ كتاب الإيمان -كتاب القدر- كتاب التوحيد, وكتاب الرد على الجهمية وغير ذلك من الكتب الموجودة في الصحيحين وغيرهما, هذه المصادر الأساسية وما تبعها من شروح ومن كتب ككتب شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية وابن القيم , وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله أجمعين, وكتب الشيخ حافظ حكمي رحمه الله, فهذه مما تعينكم بإذن الله على معرفة العقيدة الصحيحة التي كان عليها السلف الصالح، جعلنا الله وإياكم من أتباعها.