للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقتضيات ولوازم الأخوة]

السؤال

أحد الإخوة يسأل عن حد الأخوة، وما هي المقتضيات العامة لها؟ لأنها تستخدم كشعار عند كثير من الإخوة عندما يكون له رغبة ومراد في بعض الأمور التي يسعى لتحقيقها؟

الجواب

الأخوة المطلوبة هي الأخوة الإيمانية التي تقتضي أن يكون المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وتقتضي أن يحب الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه، وتقتضي أن ينصحه لأن الدين النصيحة، ومن ذلك النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، وتقتضي حسن الخلق مع المؤمنين جميعا، ً والتعاون على البر والتقوى، وتقتضي عدم الشذوذ عن أهل الإيمان والخير والصلاح، الشذوذ إما ببدعة أو برأي أو بتخاذل عنهم، وهكذا مقتضيات واضحة جاءت في الكتاب والسنة.

نعلم بها أن الأخوة الإيمانية هي تحقيق لموالاة المؤمنين، والبراءة من الكافرين ومن المعاصي والفجور وأصحابها.

فكون بعض الناس قد يستغلها سُلَّماً أو ذريعة لغرض غير شرعي، نعم! قد يوجد، لكن ذلك لا يجعلنا نتخلى عنها، المؤمن الشاب التقي -جعلني الله وإياكم كذلك- الذي يتقي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يتخلق بأخلاق المتقين، بأخلاق أولياء الله وعباده الصالحين، ولا يبالي أن غيره يستغل ذلك الأمر.

نعم! المؤمن فطن وحذر، ولكن ربما يكون في أخلاقك وتمسكك بالدين ما يردعه ويعلمه تعليماً عملياً أن يكون مثلك بإذن الله عز وجل، فالأصل في هذا أن تُقَابِل الإساءة بالإحسان، وأن تُقَابِل الجهل بالحلم، وأن تُقَابِل الاستغلال أو الانتهازية بالإخلاص لوجه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وما دمت تحتسب ذلك عند الله فلا تُبالِ بأهداف المخلوقين ومآربهم وبأغراضهم.

لكن لو شعرت أو رأيت أن إنساناً ما؛ إما صاحب هوى أو بدعة أو معصية ليس غرضه إلا أن يصل إلى ما أراد، وأنت عرفت ذلك يقيناً, فإنه لا يصح أن تتخلى عن هذا الخلق مع غيره من الناس, لكن معه ينبغي لك أن تحذر منه وألاَّ تتيح له فرصة, ومع ذلك لا تكف عن الدعوة له، ولو بدعاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى له أن يهديه وأن يوفقه للحق, كيف ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو للمشركين أن يهديهم الله وأن يأتي بهم مؤمنين وأن يسلموا؟! فكيف بنا نحن مع المؤمنين؟! فيجب أن يكون خلقنا أرفع وأسمى من كل هذه المؤثرات، وفي نفس الوقت أن يكون منهجنا في الدعوة هو التعامل على السنة الصحيحة التي لا محاباة ولا مداهنة ولا مجاملة فيها في الحق، ولا تحريف للحق من أجل إرضاء أي إنسان كائناً من كان, لكن التعامل شيء آخر, فإن التعامل قد يتغير بسبب المواقف، أما التمسك بالمنهج فهو شيء آخر, التمسك بالحق مبدأ, والمبادئ ثابتة لا تتحول ولا تتغير.