للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمع بين قول الله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) وحديث (كل مولود يولد على الفطرة)

السؤال

يقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن:٢] والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه}، فكيف نأخذ من ذلك كون الإنسان يولد على الفطرة مع أن الآية تبين أنه على الدين؟

الجواب

ليس بين الآية والحديث منافاة -ولله الحمد- بل صريح القرآن يدل على الحديث، وهو قول الله تبارك وتعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الروم:٣٠]، فإن الله خلق النفوس على هذه الفطرة النقية التي هي الإسلام، وهي التوحيد، وهي هذه الملة القويمة، وكما أوضح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إحدى روايات الحديث: {كما تنتج البهيمة جمعاء هل ترون فيها من جدعاء}، أي: البهيمة تلد بهيمة مستوية كاملة الخلقة, ليس فيها جدع ولا شعار ولا إشارة, وبعد ذلك يضع الناس هذه الرموز وهذه الإشارات وهذه العلامات للانتماء لشيء ما.

أما الآية {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن:٢] فهذا إخبار من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عن حال الناس أن منهم المؤمنين وأن منهم الكافرين، وأنه خلقهم جميعاً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وحكمته وقدره بالأزل اقتضى أن يكون منهم مؤمنون وكافرون, مع أن كل مولود يولد على الفطرة، ولكن أبويه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، فيصبح الخلق على نوعين: كافر ومؤمن, مع أن كلاً منهما قد ولد على الفطرة, فلا منافاة إذن بين الآية والحديث، والله أعلم.