للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الصبر وفضله]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على خير خلقك محمد سيد الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: أتحدث إليكم أيها الإخوة وأنتم -ولله الحمد- رجال الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الرجال القائمون على الفريضة التي تركتها الأمة، وغفلت عنها ونسيتها، فاعتراها ما اعتراها من الذل والضعف والهوان، وفيكم بعد الله سبحانه وتعالى، وبعد توفيقه وتأييده الأمل -إن شاء الله- بإعادة هذه الأمة -مع من ييسر الله ويوفقه للتعاون على البر والتقوى- إلى رشدها، وإعادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي به قِوام حياتها، والذي هو سِر أفضليتها على العالمين.

والحمد لله أنكم تقومون بهذا العمل أيضاً في بلد الله الحرام، وهذا جهاد على جهاد في هذا البلد الذي شرفه الله تعالى وعظمه، وقال في حقه: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:٢٥] فإذا كان هذا عقاب الذي يريد فقط؛ فكيف بالفاعل؟! وأنتم تحولون -ولله الحمد- دون فعل الموبقات والمجاهرة بالمنكرات في بلد الله الحرام، وهذا وإن كان واجباً على كل مسلم، لكنكم تضطلعون به رغم قلة الإمكانيات والجهود ففي هذا -إن شاء الله- غبطةٌ لكم من إخوانكم الذين يغبطونكم على هذا العمل الجليل، وفيه تذكير لكم أيضاً بواجب الاحتساب لله تعالى، والإخلاص لوجهه الكريم، لتنالوا بذلك أجركم كاملاً غير منقوص.

فنحن نشكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الذي هيأ لنا مثل هذا اللقاء، ونشكر -كذلك بعده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الذين كانوا السبب في هذا الاجتماع الطيب المبارك سواء في رئاسة الهيئات، فضيلة نائب الرئيس العام، أو في مكة فضيلة الشيخ الفراج، أو المسئولون في هذه الجامعة، الذين حرصوا على إقامة هذه الدورة، وحياكم الله جميعاً، وأسأل الله العظيم الجليل لي ولكم التوفيق والسداد في القول والعمل.

الموضوع عن الصبر والكلام يطول فيه جداً كما قال الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه وأرضاه: إن الله ما عظَّم شيئاً في كتابه كما عظَّم الصبر، فقد ذكره في أكثر من تسعين موضعا.