للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طرق مؤدية إلى السبيل الأوحد]

السؤال

أنا أطلب الحق والهداية، ولكن ما هو الطريق الذي أسلكه؟ طريق كذا أو كذا أو أعيش وحدي، أرجو منك إيضاح هذه الطريق؟

الجواب

هذا الطريق واضح ولله الحمد، فطريق الهداية واضح، كما في الآية التي ذكرناها، وهي قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:٦٩].

قد يقول قائل منكم: كيف تكون سبلاً؟ والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:١٥٣]، فالله تعالى جعل سبيله واحداً وجعل الطرق المخالفة لدينه سبلاً، وهنا يقول: ((لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)) [العنكبوت:٦٩]؟! ومن جوابنا لهذا الإشكال ننفذ -إن شاء الله- إلى جواب هذا السؤال.

فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يسَّر هذا الإنسان لما خُلِقَ له، وسبل الخير كثيرة، فإن كنت ميسراً لطلب العلم، فاسلك طلب العلم سبيلاً، وإن كنت ميسراً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاجعل همك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجاهد في الله وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، أو جاهد في الله واطلب العلم، أو جاهد في الله بالصيام إن لم تستطع أن تفعل شيئاً، أو جاهد في الله بذكره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إن لم تستطع أن تنال قسطاً من العلم أو تتعبد بعبادة المجاهدين، أو الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فأنت ميسر لأمر ما، فانظر إلى الأمر الذي أنت ميسرٌ له، فإن يسر لك بر والديك فبر والديك حتى تنال بذلك رضى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإن يسر لك أيتام أو جيران ضعفاء فابتغ طريق الهداية وطريق الجنة بالإحسان إلى هؤلاء الجيران الفقراء.

وهكذا فكل إنسان منا لابد أن أمامه سبلاً معينة، وأن هذه السبل هي طرق من طرق الخير الكثيرة، التي يسَّرها الله تبارك وتعالى لك، فاسلك أياً منها مبتغياً بذلك وجه الله، لينقذك الله تعالى ويهديك.

وكل ذلك مبناه على التمسك بما في الكتاب وما في سنة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهديه في حياته.

فإزالة الإشكال هو أن سبيل الله واحد، أي طريقه المستقيم واحد، أما السبل التي يهدي الله تبارك إليها، فهي طرق الخير، فالخير واحد ولكن له طرقاً متعددة توصل إليه، فهذا يدخل الجنة من طريق الجهاد، وهذا من طريق العلم، وهذا من طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا من طريق الصدقة، وهذا من طريق الذكر، مع أن الكل على الصراط المستقيم الذي هو سبيل واحد.