للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستدلال بحديث: (تصالحون الروم)]

قد ذكرنا هذا الحديث من قبل، وهو حديث: {الروم وتقاتلون معهم عدواً من ورائهم، فتسلمون وتغنمون، ثم ينقضون} وليس في هذا دليل؛ لأن هذا إخبار عن حال وعن واقع يخبر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أمر سيقع، فيقول: أنتم ستفعلون، فهذا لا يدل على أنه حق، وقد يكون هذا بدعة أو يخرج عن الأدلة الشرعية، لكننا سنفعله، وفي النهاية سينقض الروم العهد فيكون القتال.

على كل حال العلماء ذكروا أنه إذا كنا في عهد مع عدو، وكنا نأمن غائلتهم، وبشرط أن يمكننا أن نغلب كل منهم على حِدَةٍ، ففي هذه الحالة يجوز، وهي حالات لا أريد أن أدخل في تفاصيلها.

مثلاً: أتينا نحارب الفرس، فأتى الروم بيننا وبين الفرس، الروم أيضاً يكرهون الفرس، قالوا: ما رأيكم في أن نحارب معكم، فنقول لهم: أنتم تعالوا من الغرب، ونحن نأتي من الشرق، ونحن نعلم أننا نستطيع أن نغلب الفرس لو حاربناهم وأن نغلب الروم، وأنهم لو اجتمعوا علينا الاثنين أيضاً لغلبناهم، وهذه الحالة أصبحت حالة تكتيكية -والجرائد اليوم علمونا عبارات استراتيجية أو تكتيكية، والتكتيكية تعني: عملاً لا يدخل في صميم الأسس، فهذان عدوان أمامنا، أنا أستعين بهذه، أقول: تحرك أنت من هنا، وأنا من هنا، ونقضي على هذا العدو، لكن نحن لو حاربناهما جميعاً نستطيع أن نغلبهم، فهذه حالة ذكر الفقهاء أنه يمكن أن تستعين فيها بكافر أو يعينك كافر في القضاء على عدو آخر.

والمقصود: أننا حتى مهما كانت الضغوط يجب أن نتقي الله، إذا قلنا قال الله، أو قال رسول الله، أو هذا من الدين، أو هذا يجوز وهذا لا يجوز.

ويكفي أن نقف عند كلام هيئة كبار العلماء، فقد قالوا: إنها ضرورة، والضرورة لها أحكامها، وأنا لا أتكلم في هذا الآن، لكن نقول: إن أي دليل آخر فإنه غير صحيح.