للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضبط الأوقات نابع من صدق القلب]

السؤال

نرى الغرب الكافر يحرص على وقته ولا يفرط فيه، ونحن المسلمين نضيع أوقاتنا سدى، هل لليهود دور في ذلك؟

الجواب

الدور للقلوب الضعيفة، واليهود ما غصبونا ولا ضيعوا أوقاتنا، لكن اليهود يستغلون الأحداث ولا يصنعونها، لأن اليهود وجدوا أمة لاهية تحب اللهو، أما لو كانت أمة لا تقبل اللهو فكيف يلهيها اليهود؟! ولنفرض أنهم عملوا أفلامًا ومجلات ولم يشتريها أحد، وأحياناً يوزعونها مجاناً -وهذا يحصل- لكن لم يهتم بها أحد فإنها تموت، لكن لما كانت الأمة تحب اللهو واللعب والمباريات حدث كل هذا، ولهذا كتبوا في البروتوكولات؛ أنه لابد من تشجيع المباريات والفنون إلى آخره لأنها تلهي الأميين وتشغلهم، ويخطط اليهود في غفلة هؤلاء الأميين عما يراد بهم، فالمشكلة أننا نحن نضيع أوقاتنا والغرب الكافر لا يضبط أوقاته، وبعض الناس يظن أن الإنسان الغربي يضبط وقته ليؤدي العمل، وهو يضبط وقته ليذهب إلى الملهى أو المرقص أو الخمارة، فلابد من أوقات معينة يعربد فيها وأوقات أخرى لكي ينام، فالعبرة ليست بضبط الوقت، ولكن ما الدافع وراء ضبط الوقت.

ولهذا هم استفادوا من هذا الجانب في دنياهم لأن المحافظة على الوقت تفيد في الدنيا ولا ريب، وخسروا أوقاتهم وخسروا آخرتهم بلا ريب، لكن في الدنيا خسروا الأمن والراحة والطمأنينة لأن هذا الضبط لغير الله ولغير الخير، أما نحن المسلمين فنضيع الأوقات ولا نضبطها، لكن مهما كان فالمسلم -وعلى الأقل المصلي- هو أضبط من الغربيين إن شاء الله، وأحرص منهم على الوقت.

وأذكر مرة أنه زارنا ضيف في الجامعة الإسلامية -لكن أنسى اسمه الآن- وهو شاعر أمريكي من شعراء الهيبيز فجاء وأسلم وقابلناه في الجامعة الإسلامية فقلنا له: ما هو سبب إسلامك؟ فقال: ذهبت مع شركة إلى اليمن، واخترت اليمن لما بلغني أنه ليس فيها أي أثر للحضارة الغربية خاصة ذاك اليوم، في أوائل (١٣٩٠ أو ١٣٩٢هـ) الله أعلم، فقلت أعيش بعيدًا عن الحضارة، لأنهم يكرهون الحضارة، قال: ذهبت إلى هناك وتعبت مع العمال، وجربت معهم كل وسيلة من صياح وشجار ولكن لا فائدة فهم فوضويون في كل شيء، في أكلهم وشربهم ونومهم، وفي إحدى المرات كنت أراقبهم فإذا أذن المؤذن قام واحد منهم وتقدم للصلاة وهم يصفون خلفه، فإذا ركع ركعوا، وإذا سجد سجدوا، وإذا سلم سلموا، وهكذا في اليوم الثاني والثالث، فقلت للمترجم: قل لهم أنتم أمة غريبة جدًا! عملكم فوضى إلا هذه الحالة فما هو السر في هذا؟ فقال: إنها الصلاة وهذا هو دين الإسلام، فقلت: إن كان الإسلام يضبطكم وأنتم همج بهذا الشكل فأنا مسلم.

فنحن أمة همج لم يضبطنا إلا الإسلام، حتى المعربدين منا تجده يعربد بهمجية مما يجعله محل انتقاد من المعربدين الآخرين، لأننا -فعلاً- قوم لم نتأدب إلا بالإسلام ولا ننضبط ولا نستقيم إلا به، ولا ننتصر إلا به، وما زلت أذكر أننا لو أقمنا الصلاة لحاربنا بها المخدرات وضياع الأوقات، ومن فضل الله علينا أننا كلنا متفقون عليها ولا يشك فيها أحد، فوالله لو أقمناها حق الإقامة لما احتجنا إلى ما نحارب به هذه الأمم ولما خسرنا هذه الخسارة، فلو أقمناها لضبطت أوقاتنا وأعمالنا وأعمارنا، فكل شيء يضبط بإذن الله لو أقمنا الصلاة حق الإقامة، لكن الله المستعان!