للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تطوع المرأة في الحرب]

السؤال

يقول بعضهم: إن تطوع المرأة جائز، بحجة أن المرأة شاركت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حروبه، وفي إسعاف الجرحى، ما هو تعليقك؟

الجواب

نخشى -والعياذ بالله- أن يتحقق فينا قول الله تبارك وتعالى في المنافقين إذا دعوا إلى ورسوله أعرضوا، قال: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النور:٤٩] إذا كان لنا شهوة ورغبة في أمر من الأمور قلنا الفتوى صدرت وجائز وفي عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفتاوى العلماء في الربا أليست في القرآن وفي السنة وفي جميع كتب الفقه؟ أليس العلماء ليل نهار يفتون؟ أعجبتنا هذه وهذه ما أعجبتنا! نتخير في دين الله كما نشاء!

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع

إن المفروض بعد هذه الأحداث ألاَّ يبقى شاب إلا وأصبح متدرباً ومتطوعاً وجندياً للجهاد في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله في كل مكان، وفي كل بلد وفي كل قرية، حتى لو عطلنا الدراسة، المهم كلنا نتحول إلى جيش، ونقول: أربعة أشهر فقط، ويكون عندنا مليون جندي، ولا نستعين بكافر ولا مسلم، نحن في غنى عنهم، عندنا الحمد لله المال، وبلدنا أغنى بلد في العالم، وثرواتنا مكدسة في بنوك الغرب، وعندنا الإمكانيات، وعندنا الشجاعة بل نحن معدن الشجاعة في الدنيا كلها، نحن أحفاد الصحابة.

فلنتدرب ولنستعن بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولنقاتل كل من يحاول أن يهاجم بلادنا، بل نجاهد الكفار والمنافقين في عقر دارهم، والله نستطيع ذلك لو أردنا، ولوكانت لنا قلوب حية وصادقة مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لكن المصيبة أن الأحداث تمخضت عن فتح باب التطوع للنساء.

أنا أضرب مثلاً في مكة هنا، ليس فيها مركز تطوع للرجال، أما النساء أكثر من ثمانمائة امرأة في الدفعة الأولى، وما أدري كم الثانية وكم الثالثة؟! أعوذ بالله! أليست هذه انتكاسة ومصيبة وكارثة؟ ومع ذلك أيضاً استغلوا هذا الموضوع وأخذوا يشقشقون منه دورة بسيطة تأتي بتوقيع الوزير، ثم يقال: دورات للمتفوقات، ثم ربما يأتي دبلوم، وماجستير، ودكتوراه، يراد أن تمطط، وأن تعمم، وأن تنتشر؛ لأن الله تعالى قال وهو أصدق القائلين: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:٢٧ - ٢٨].

فهذا حال المتبعين للشهوات، يريدون ذلك، ففتح الباب، ثم أخذ القوم، وقالوا: المرأة ساهمت في خدمة الوطن، وتطوعت من أجل الوطن، ومع ذلك ماذا قدمنا لها؟ إذا قلنا: ماذا نقدم لها؟ الدعاء! ما يريدون الدعاء إذاً ماذا نقدم هل نقدم المال؟ كل واحد منا يُعطي زوجته إذا تطوعت خمسمائة ريال أو نحوها، مكافأة لها تقود السيارة وتحمل السلاح، وبعد ذلك تذهب إلى الجبهة، وتسير بين الأمريكيين والأمريكيات، هل هذا هو المطلوب؟! انظروا يا إخوان قبل يومين في أحد وكالات التلفزيون أو قنوات الإذاعة الأمريكية -والخبر أنا أخذته من الإذاعة- نقل مقابلة مع جنديتين في الفرقة (٢٥١) الأمريكية التي جاءت إلى المملكة، جنديتين بين ألف رجل، انظروا الحرية والديمقراطية والحياة التي يطالب بها هؤلاء الفاجرات ومن ورائهن، تقول الجنديتان: لقد شعرنا بالألم وبالقرف، وبعبارات كثيرة مترادفة.

وقالت إحداهن: وجدت أني امرأة واحدة أنام على سرير وحولي ألف رجل، وفي جو صحراوي موحش، هذه تقاتل بالله عليك، هذه تخاف من ألف وحش وهي كالدجاجة بينهم، وأبناءها وأطفالها هنالك، لا تستطيع أن تفعل شيئاً، ولكن لا بد أن تثبت جدارتها، حتى قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية: إن دخول المرأة الأمريكية في الجيش هو أقوى أو أعظم من دخول القنبلة النووية، يعني: في عظمته وفي هزته.

فهذه الأمريكية، تصرخ وتجأر، تقول: تمنيت وندمت أنني انخرطت في السلك العسكري، وتمنيت أني لم أنخرط فيه، ولم آت إلى هذه البلاد، فالمرأة بفطرتها ما تريد هذا الشيء، ومع ذلك يقال: إن هناك من طالبن بذلك وتم نشر صورهن في الشرق الأوسط، وفي جريدة الرياض، وفي الظهيرة، وفي المجلة الخبيثة التي يسموها سيدتهم، وفي أمثالها، ويطالبن بكثرة التدرب على السلاح وبالمشاركة بالجبهة، إن كنا نطمع أنهن يدافعن عن البلاد، الله المستعان! مثلما قال الشاعر النبطي:

لبس الرجال العبي وأعطوهن البنادق واللحى