للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثناء ثم تهم باطلة]

ثم قال رحمه الله: 'خاصة وأن الدعاة الذين نيل منهم هم من أهل السنة والجماعة، المعروفين بمحاربة البدع والخرافات، والوقوف في وجه الداعين إليها، وكشف خططهم وألاعيبهم'.

إذاً: ليسوا كما قال أولئك: أنهم من أهل البدع، وأنهم يوالون أهل البدع ويلبسون ويدلسون على الشباب، بل قالوا كلاماً يستحي الواحد أن يذكره، قالوا: إنهم أخطر من اليهود والنصارى -أعوذ بالله- وإنهم وراء المظاهرة النسائية التي قامت في الرياض، وإن هؤلاء ليسوا على عقيدة أهل السنة والجماعة، فهم إنما يتخذون العقيدة وسيلة ومطية لما يريدون! نعوذ بالله.

والكفار لا يقولون هذا، بل يقولون: هؤلاء وهابية متعصبون، وكلنا قرأنا وسمعنا الصحافة الأمريكية، وكثرة تردادها لهذه الكلمات: وهابيون متعصبون، أي: دعاة هذا البلد، ودعوتهم هي الدعوة والعقيدة الصحيحة -والحمد لله- وإن سموهم الوهابية فهي عقيدة أهل السنة والجماعة وما جاء في الكتاب والسنة.

وبعد كل هذا، يأتي أخوك المسلم ويطعنك هذه الطعنة النجلاء، ويجعلك أخطر من اليهود والنصارى، ويقول: كل كلامهم عن العقيدة وعن الدين والدعوة ما هو إلا ستار، ومحاولة للوصول إلى مآرب أخرى، مع أن الناس وطلاب العلم يسمعون هؤلاء المشايخ والدعاة المظلومين منذ أعوام، فلو كانوا يرون شيئاً أما كانوا سيقولونه؟! أيكتمونه طوال هذه السنين؟! سبحان الله ما أكثر الظلم! وما أعظم الظلم والبهتان! وهل يريد هؤلاء الدعاة إلا أن يبينوا الحق ويوضحوه للناس، ثم إن هذا اتهام بالنفاق! فمن الذي أطلعكم على نيتهم وما في بواطنهم، فإذا قال أحد: كلامهم نافع وأشرطتهم نافعة ومحاضراتهم نافعة؟ قال: نعم.

ولكن لهم أهداف أخرى.

سبحان الله! من أين علمت هذا؟ فرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعرف المنافقين، وقد أنبأه الله تعالى عنهم، وأطلعه على أحوالهم ومعرفته لهم بسيماهم، فقال له: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد:٣٠] وغير ذلك، ومع ذلك فعاملهم على الظاهر، عاملهم معاملة المسلمين، وقال في حديث المقاتلة: {وحسابهم على الله} وأنت تقول: لا.

مهما أظهروا! وقد كلمهم كثيرون، ونصحوهم وقالوا لهم: اتقوا الله! من أين لكم هذا؟ فيقولون: أنتم لا تعلمون شيئاً، فيقال لهم: هؤلاء قد زكاهم العلماء، فيقلون: لا يعلم العلماء عنهم شيئاً، وهناك أمور أخرى، سبحان الله! فكيف عرفتموها؟ ثم إن من العجب أن هؤلاء قليلو المخالطة للدعاة المظلومين المفترى عليهم، فكيف عرفتم حقيقتهم وأنتم لا تجالسونهم؟ فلو أن واحداً منهم خدمه -مثلاً- أو رافقه أو صحبه؛ لكان في كلامهم شيئاً من القبول، ولكن لم يحدث شيء من ذلك.

ولهذا فالقريبون منهم يعلمون براءتهم، والبعيد يفتري عليهم، ويبهتهم بما ليس فيهم.

إذاً: هذا دليل على شحناء -والعياذ بالله- غلٍ وضغينة وحقد يترفع عنه طالب العلم.

أما الخلاف الفقهي، فلا ننكره، بل نقول: إنه إثراء للقضية، وسيأتي -إن شاء الله- عندما نشرح كلام الشيخ عن هذا الموضوع.