للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[نصيحة للشباب]

السؤال

فضيلة الشيخ ما نصيحتكم لهؤلاء الشباب في هذه الصحوة الطاهرة المباركة، خصوصاً أننا نعيش بين فكي الشيوعية والعلمانية والمذاهب الأخرى؟

الجواب

أول شيء أوصي وأنصح به إخواني هو تقوى الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هذه وصية الله إلى الأولين والآخرين {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:١٣١].

وأن نخلص أعمالنا جميعاً لله؛ لأن العلمانية شرك، ونحن ندعو إلى التوحيد وإلى الإخلاص {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:١٦٢] هذه دعوتنا، وأن نصبر ونعلم أمتنا الصبر {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران:١٢٠] لا بد من الصبر ولا بد من التقوى لندفع كيد الأعداء وأن نتعلم العلم الشرعي ونصبر على ذلك.

إن مما يؤلمنا في هذه الصحوة هو أن الشباب يرضون بالثقافة السطحية أو العابرة، نحن لا نقلل -والحمد لله- من شأن المحاضرات ولا الندوات ولا أي شيء، ولكن نقول: هذه خطوط عامة، وهذه نقاط على الطريق فقط، ومعالم تعطيكم إنارات فكرية عامة، أما ما يجب عليكم فردياً فهو العلم والمركز والدروس العلمية المركزة المستديمة طويلة المدى، التي تعطيك معرفة تفصيلية بالأحكام الشرعية وبالعقيدة قبل ذلك، وتعطيك التفصيل لسبيل المجرمين أيضاً {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:٥٥].

لتعرف سبيله بالتفصيل، وتدرس الفرق والمذاهب الفكرية بالتفصيل، وأما ما نراه الآن فهذه هي ظاهرة طيبة من جهة العامة، لكن من جهة الإخوة المثقفين وطلاب العلم لا، وهو الإقبال على ما سهل، والشباب مع الأسف إذا أعطيته كتاباً أربعين صفحة يقول: هذا طويل، يريد عشر صفحات فقط، وإذا أعطيته شريطاً ثلاث ساعات، يقول: يا ليته ساعة-مثلاً- فهو يريد أي شيء خفيف، هذه حقيقة، أمةٌ تواجه هذه العداوات الشرسة وهذه المؤامرات الحاقدة على طول التاريخ لا بد أن تكون على مستوى المواجهة، ولا بد من رجال يقودون هذه المواجهة، ولا بد من أناس لا تأخذهم في الحق لومة لائم، ولكن يقولون الحق بالحجة العلمية والبرهان الذي أنزله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويزنون الأمور بالميزان الحق الذي شرعه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأنزله.

هذا هو المفقود الآن؛ والناس كلهم يعرفون أن الزنا حرام، وكلهم يعرفون أن الاختلاط حرام، لكن لماذا لا تأثير لمعرفة الكثير من الناس؟ لأنه لا يأتون بهذا التأثير في مقام الحجة العلمية الشرعية المقنعة المؤثرة، ولهذا -والحمد لله- إذا رأينا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله أو أمثاله من العلماء كتب فتوى عن التبرج أو عن السائقين أو عن الخدم، ما عليك إلا أن تصورها وتطبعها وتضعها على مسجد أو تعطيها أي واحد بيده، فتكون حجة كافية، لأنها صدرت من عالم.

بينما الخطيب قد يخطب ويكتب أضعاف أضعاف ما في هذه الفتوى وهذا شيء معروف، لكن هل لها نفس قيمة فتوى الشيخ؟ لا، إذن: العلم ضروري، ولا بد أن نقيم حجة الله على العالمين، وعلى المسلمين، وعلى أنفسنا لنعبد الله، لا بد من علم، ولا بد من صبر على ذلك، هذه بعض الوصايا التي تشير إلى ما بعدها إن شاء الله.