للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وسائل العزلة الكاملة]

ومن وسائل هذه العزلة وسائل الإعلام؛ لأنها تصرف الشباب عن الجد، والدين، والحق، وعن معرفة الله، والتفكير بالدار الآخرة, إلى الشهوات والأفكار الخبيثة فإذا لم يسمع الشاب أو لم يرَ أو لم يقرأ إلا ما كان بعيداً عن دينه، فإن هذه العزلة تزداد وتستحكم، فمن أين للحق والخير أن ينفذ إلى قلبه؟! ولا سيما إن كان الدعاة في قلة أو في ذلة, وكانت المساجد لا تؤدي الواجب الذي شرع فيها، وكان أئمتها مقصرين, وكانت حلقات العلم فيها معدومة أو ضعيفة إلى غير ذلك، فهنا تستحكم هذه العزلة على هذا الشباب المسكين.

ومن أعظم وسائل العزلة: المناهج التعليمية: فإنك تجد الشباب يتخصص في مجالات كثيرة في أكثر أنحاء العالم الإسلامي، فهو يعيش في مجالات متنوعة: منها ما تسمى علمية، أو ما تسمى أدبية، ولكن أقل القليل هو من يتفقه أو يقرر عليه شيئاً من دينه؟! وأكثر الجامعات الإسلامية لا تقرر أية مادة إسلامية شرعية، معتمدة على أن الطالب كان لديه في المرحلة الثانوية كتيب صغير جمعوا فيه الفقه والتوحيد والحديث إلى آخره.

ثم يأتي الطالب في الجامعة خاوياً وخالي الذهن، فإن لم يجد المنهج ولم يجد المدرس بطبيعة الحال، فمن أين له أن يعرف دينه وأن يطلع على حقائقه؟! وحينئذ يكون هذا محسوباً رقمياً على الأمة الإسلامية، ولكنه حقيقياً عضواً من الأعضاء الذين إن لم يكونوا ضد الإسلام فهم على الأقل لا يحسبون له حقيقة؛ لأنهم لا يعيشون قضية الإسلام، ولا يدرون لماذا جاءوا، وإلى أين يذهبون، ولا تهمهم قضايا أنفسهم وعبادتهم التي خلقوا من أجلها، ولا قضايا أمتهم التي يجب أن يضحوا ويعملوا في سبيلها.

هذا هو النوع الأول، وأرى أن أمره واضح، وأحسب -والحمد لله- أن مجتمعنا هذا إلى حد ما ليس عنده هذا النوع من العزلة، وليس مستحكماً فيه؛ نظراً لوجود هذه الصحوة الطيبة المباركة، والدعوة التي آتت ثمراتها والحمد لله، وما وجود مثل هذه المخيمات، ومثل هؤلاء الإخوة في كل جامعة -وأمثالهم كثير- إلا دليل على ذلك.