للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوازن بين معرفة الواقع البعيد والقريب]

السؤال

شيخنا الفاضل! ما المقصود بمعرفة الواقع البعيد وعدم معرفة الواقع القريب، مع المثال لذلك؟

الجواب

المقصود بذلك أن الأمة الإسلامية الآن تعيش قضايا يمكن أن تسمى بالقضايا الساخنة، يعني القضايا التي تهمنا يومياً -تقريباً- نسمعها ونتابع أحداثها، كقضية الجهاد الأفغاني، قضية إخواننا المسلمين في أفغانستان، وقضية إخواننا المسلمين في ظل الحكومات الشيوعية، مثلما في أوروبا الشرقية، وقضية المجاهدين المسلمين في الفلبين، وفي إرتيريا، وفي أماكن كثيرة، فهذه قضايا مهمة.

وجميل وحسن أن نفقه وأن نعي ما يخططه أعداء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في تلك البلاد، وأن نكون مع إخواننا بما نستطيع؛ لكن لا يحسن بنا أبداً أن ننسى ما يخططه لنا الأعداء هنا في بلدنا أو مدننا؛ بل في جامعتنا أحياناً، فإذا كانت الدعوة هنا لها أعداء، وهناك لها أعداء، فإنه يجب أن نفكر في الأمرين بتوازن.

ولنضرب على ذلك مثلاً: الجزائر تعاني التغريب، وتعاني الإنكار والتمرد والجحود على أحكام الله، وتعاني معاناة شديدة من كل الاتجاهات؛ فالمسلم الجزائري الذي يشتغل ويفكر ويجعل كل همه مع المسلمين في الفلبين جزاه الله خيراً لا أحد يستطيع أن ينكر عليه ذلك؛ لكن يجب عليه ألا يغفل عن الجزائر وما يحاك وما يدبر ضدها؛ لأن الأخ الذي في الفلبين وفي أفغانستان لا نطلب منه أن يدع الجهاد هناك وينشغل بأمر الجزائر؛ بل نقول: جاهد هنا، وأيضاً ادع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إن لم يكن إلا الدعاء، وأما أنت هنا فيجب عليك أن تعرف الواقع الذي تعيش فيه، ولهذا لو أننا نحدث أهل الجزائر عن المشاكل الإسلامية البعيدة، ونترك لهم واقعهم هذا القريب، لما وجدنا عندهم أي تجاوب، وأقل شيء يشعرون به أننا لا نقدم لهم شيئاً جديداً بطبيعة الحال.

وأيضاً يأتي أعداء الدعوة ويقولون: هؤلاء لا يعيشون قضايا المجتمع ولا يعيشون قضايا الأمة، وهذه هي الورقة التي يلوح بها أعداء الإسلام من العلمانيين والمجرمين في كل مكان، يقولون: أنتم تنسون قضايانا وأحداثنا، وتنسون مجتمعنا، وتنسون التضخم، وتنسون التنمية، ولذلك يجب أن نقطع الطريق على هؤلاء ونوازن بين هذا الواجب في المجتمع القريب وبين ما للمجتمع البعيد والكل جسد واحد لا ريب في ذلك؛ لأن الأمة الإسلامية جسد واحد، فيبدأ الإنسان بنفسه وبمن يعول، ولا بد من هذا التوازن.