للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقلب حال المسلم في الطاعة بين الفتور والصحوة]

السؤال

فضيلة الشيخ: حينما أكون مع الشباب الصالح أكون نشيطاً، ولكن إذا ذهبت إلى منزلي وإلى المدرسة أُصبح سلبياً، فهل هذه ازدواجية في شخصيتي؟ وبماذا تنصحون؟

الجواب

نرجو ألاَّ تكون ازدواجية، وإنما تكون كحال حنظلة رضي الله عنه كما تعلمون حديثه مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولهذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ولكن ساعة وساعة}.

القلب البشري مشدود ومرتبط بالأرض، فالإنسان خلق منها؛ ولذلك هناك نوازع ودوافع تدفع الإنسان إليها، وهذا من حكمة الله؛ ليكون هو موضع الإبتلاء من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لهذا العبد أيرتفع أم يهبط؟ والإنسان لا يستقر على حال، ولو أن كل إنسان عرف الإيمان واليقين والتوحيد استقر عليه؛ ما تفاضل الناس في الإيمان هذا التفاضل، ولا تفاضلت موازينهم يوم القيامة؛ لكن من الناس من يأتيه اليقين ثم يضعف ثم قد يفقده -عياذاً بالله- ومنهم من يأتيه الشك أيضاً ثم يضعف، ثم يذهب ويحل محله اليقين وهكذا، فالنفس الإنسانية لا تستقر على حال.

ومن هنا أُمر الإنسان دائماً أن يتعاهد إيمانه، وأن يجدده وأن يحرص عليه؛ فإن من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة: أن الإيمان يزيد وينقص، لكن الواجب عليك يا أخي أن تأخذ من حال إقبالك لحال إدبارك، ومن حال يقينك لحال شكك، ومن حال قراءتك لكتاب الله وتلذذك به وتلذذك بالدعاء والمناجاة والضراعة، أن تأخذ من ذلك وتستبقي إلى الحالات التي تجد نفسك فيها قاسي القلب، لا ترى الخشوع، ولا تحس بلذة الضراعة ولا لذة المناجاة.

هذا هو الواجب، وينبغي للإنسان أن يتعامل مع هذه النفس، وكثيراً ما يشكو الإخوان من هذه الظاهرة، وكثيراً ما تحدثنا عنها، وتحدث عنها العلماء رحمهم الله قبلنا.