للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أولا: حقيقة البصيرة]

أما البصيرة فهي كما قال ابن القيم -رحمه الله-: "إن البصيرة هي أن يتعلم ويتفقه في الدين؛ حتى يصبح في قلبه من النور لرؤية الحق مثلما ترى العين المرئي".

فالبصيرة أن يصبح قلبك يرى الحق مثلما ترى عينك الشيء المرئي، وهذه درجة عظيمة؛ فليس لكل إنسان أن يزعمها أو يدعيها؛ ولهذا فعند تفسير الحكمة، في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل:١٢٥] يتبين لنا ذلك.

فالبصيرة هذه لا تكون إلا بالعلم، وأساسها العلم، والبصيرة أيضاً تجمع صفات كثيرة، منها: الحكمة؛ فهي إن لم تكن مرادفة للحكمة؛ فهي تشمل معنى الحكمة؛ لأن الذي يدعو إلى الله إن دعا بالحكمة، أو بالموعظة، أو بالمجادلة، أو بالقتال؛ فكل ذلك -إذا كان على مثل ما دعا إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا بد أن يكون على بصيرة؛ فتكون على بصيرة في كيفية الدعوة، وإلى أي شيء تدعو.

ألا ترون أن بعض الناس قد يدعون إلى فضائل الأعمال، وينسون الدعوة إلى التوحيد، فأين البصيرة؟! ألا ترون أن بعض الناس قد يدعو رجلاً قريباً من الخير فينفره فيبتعد عن الخير بالمرة، فأين البصيرة؟! ألا ترى أن إنساناً قد يدعو شخصاً إلى ترك منكر، فينتج عن دعوته حصول منكر أكبر، فأين البصيرة؟!