للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر الإخلاص في أصول الدين]

السؤال

يقول: ذكرتم يا فضيلة الشيخ أن الإخلاص من شروط لا إله إلا الله, فهل إذا انعدم هذا الشرط أو اختل يخرج الإنسان من الملة؟

الجواب

نعم أحسنت, هذا ذكرني بمسألة اشتراط الإخلاص في الشهادة وما جاء في ذلك, ولا سيما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري والإمام أحمد وغيرهما, لما سأله أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: {يا رسول الله! من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من شهد ألا إله إلا الله مخلصاً بها قلبه} , وقال في رواية أخرى: {يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه}.

ولذلك قلنا الصدق والإخلاص مقترنان, فالذي يشهد ألا إله إلا الله وهو صادق مخلص فإنه يكون أسعد الناس بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ثمَّ فهو جدير حري ألا يدخل النار كما جاء في رواية أخرى: {فإن الله قد حرم النار على من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله} أي: خالصاً ذلك لله, وقد جاءت كلمة الإخلاص في إحدى رواية المسند.

إذاً الإخلاص مراتب, كاليقين والمحبة وغيرها, فأصل الدين لابد فيه من الإخلاص, وأصل الإقرار والشهادة بألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لابد فيها من ذلك، وإلا كان قائلها مشركاً أو منافقاً كما بينا فيما مضى, وهذا معلوم أنه خارج من الملة طبعاً, فإن قالها وشهدها بحق ولكنه فرط في عمل من أعمالها وتوابعها ولوازمها؛ أي من الطاعات التي جعلها الله تبارك وتعالى فروعاً وتحقيقاً للشهادة فلم يخلص فيه لله عز وجل فإنه يكون من أهل الكبائر وهو داخل في الوعيد, وأهل الكبائر معلوم حكمهم, إذ هم أصحاب الوعيد الذي إن شاء الله تعالى غفر لصاحبه, وإن شاء عذبه, وأسباب المغفرة وأسباب النجاة من النار كثيرة, وهي موانع من أن يكون المرء من أصحاب الوعيد, وقد تقدم شرحها فيما سبق, ومن أعظمها شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الصالحين من عباد الله تبارك وتعالى.

فإذاً إذا فقد الإخلاص في أصل الدين وأصل الشهادة فصاحبه مشرك خارج من الملة, وأما إذا فقده في شعبه من شعب الإيمان أو عمل من أعماله, فهذا العمل حابط وقد خسر هذا العمل لكنه لا يخسر دينه كله, فرب رجل لا يخلص لله تبارك وتعالى في نفقة, مثلاً: أعطى ألف ريال رياءً, لكنه في صلاته مخلص, فهو ينال أجر الصلاة أيضاً مع أجر التوحيد وهو صادق فيه, ولكنه لا يأخذ أجر هذا المال الذي تصدق به, ولكنه على أية حال هو على خطأ عظيم؛ لأنه أبطل صدقته بالمنِّ والأذى, وهذا من أهل الوعيد.