للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر الإخلاص على الجماعة]

السؤال

ذكرتم يا شيخ! أثر الإخلاص على الفرد, فما هو أثره على الجماعة؟

الجواب

بطبيعة الحال إذا كان للإخلاص أثر على الفرد, فلابد أن يكون كذلك على الجماعة, فإذا كان في الأمة مخلصون فإنهم ينتصرون, وأعظم ما تحققه عملياً هو أن تنتصر على أعدائها, ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم} فإذا كان فينا أمة -أي طائفة- عابدة زاهدة تقية مخلصة وتضرعت لله عز وجل ودعت بإخلاص فإننا ننتصر على العدو مهما كثر عَددُه ومهما قويت عُدده.

فالإخلاص مهم للفرد وللمجتمع على حدٍ سواء, وقد ينجي الله تبارك وتعالى أمة أو قرية أو حضارة بوجود أناس مخلصين فيها، ولكن يجب أن يكونوا مصلحين عاملين: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:١١٧] والمصلح لو لم يكن مخلصاً لما كان مصلحاً؛ لأن الذي نيته باطلة لا يكون إلا منافقاً والعياذ بالله, فهو مفسد وليس مصلحاً, وإن زعموا أنهم مصلحون إلا أنهم مفسدون ومنافقون، كما ذكر الله تبارك وتعالى: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} [البقرة:١٢].

فإذاً إخوتي الكرام: لابد أن يكون في الأمة مخلصون؛ لكي يحفظها الله تبارك وتعالى من السوء, وهؤلاء المخلصون لو قنتوا وتضرعوا إلى الله عز وجل لدفع الله البلاء, والنموذج الظاهر كمثال لذلك حديث الثلاثة, فكذلك لو ابتليت الأمة بأن أطبق عليها العدو وسد عليها منافذ الحياة وضيقها عليها كحال المسلمين اليوم في العالم كله, ويمكن أن نرى أن الصليبيين أطبقوا على إخواننا في البوسنة مثلاً, أو في كشمير , أو في أرتيريا , أو في الفلبين أو غيرها أكثر من دول أخرى, إلا أن الأمة الإسلامية في مجموعها أعداؤها مطبقون عليها, ثرواتها بأيديهم, ورأيها بأيدهم, والقرارات فيما يسمونه مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بأيديهم, فهم مطبقون عليها, فهي لو أنها صدقت وأخلصت لله تبارك وتعالى, وتجردت منها طائفة ولو لم تعمل إلا أن تتضرع بصدق لكشف الله تبارك وتعالى هذا البلاء, مع أن الدعاء لابد أن يشتمل على أمور أخرى على أية حال, لكن المقصود أن الفرد والأمة سواء في اشتراط الإخلاص, اللهم إلا أن الأمة الإسلامية بمجموعها لن تكون كذلك.

فلابد أن يكون منها أمة أو طائفة تحقق هذا المعنى العظيم, وبها ينصر الله تعالى الأمة جمعاء.