للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مؤتمر بال الثاني]

نضرب مثلاً واحداً من أعمال هذه المنظمة الأخطبوطية المنتشرة في جميع أنحاء العالم؛ ففي مدينة بال بـ سويسرا انعقد المؤتمر الصهيوني الأول الذي حضره هرتزل عام ١٨٩٧م، وأرادت هذه المنظمة عن عمد وإصرار أن تقيم مؤتمراً لها في المدينة نفسها ولكنه للأصولية الإنجيلية الأصولية وليست اليهودية، وقد أقاموه بالفعل في هذه المدينة عام ١٩٨٥م، وقالوا في إعلان هذا المؤتمر: ' نحن الوفود المجتمعين هنا من دول مختلفة وممثلي كنائس متنوعة بهذه القاعة الصغيرة نفسها التي اجتمع بها منذ ثمانية وثمانين عاماً مضت الدكتور تيودور هرتزل ومعه وفود المؤتمر الصهيوني الأول الذي وضع اللبنة الأولى لإعادة ميلاد دولة إسرائيل جئنا معاً للصلاة ولإرضاء الرب، ولكي نعبر عن ديننا الكبير وشرفنا العظيم بإسرائيل الشعب والأرض والعقيدة، ولكي نعبر عن التضامن معها، وإننا ندرك اليوم بعد المعاناة المريرة التي تعرض لها اليهود، أنهم ما زالوا يواجهون قوى حاقدة ومدمرة مثل تلك التي تعرضوا لها في الماضي، وإننا كمسيحيين ندرك أن الكنيسة - أيضاً - لم تنصف اليهود طوال تاريخ معاناتهم واضطهادهم، إننا نتوحد اليوم في أوروبا بعد مرور أربعين عاماً على اضطهاد اليهود، لكي نعبر عن تأييدنا لإسرائيل، ونتحدث عن الدولة التي تم إعداد ميلادها هنا في بال.

إننا نقول ذلك أبداً ولا رجعة للقوى التي يمكن أن تتقدم لاسترجاع أو تكرار اضطهادات جديدة ضد الشعب اليهودي وقالوا -أيضاً-: إننا نهنئ دولة إسرائيل ومواطنيها على الإنجازات العديدة التي تحققت في فترة وجيزة تقل عن أربعة عقود، إننا نحضكم على أن تكونوا أقوياء في الله وعلى أن تستلهموا فطرته في مواجهة ما يعترضكم من عقبات، وإننا نناشدكم بحب أن تحاولوا تحقيق العديد مما تصبون إليه، وعليكم أن تدركوا أن يد الله وحدها هي التي ساعدتكم على استعادة الأرض؛ وجمعتكم من منفاكم طبقاً للنبوءات التي وردت في النصوص المقدسة.

وأخيراً فإننا ندعو كافة اليهود في جميع أنحاء المعمورة بالهجرة إلى إسرائيل، كما ندعو كل مسيحي أن يشجع ويدعم أصدقاءه اليهود في كل خطواتهم الحرة التي يستلهمونها من الله'.

نرجو أن تتذكر أن هذا المؤتمر كله نصارى، فلا توهمنا هذه النصوص فنظن أن المؤتمر للأصولية الصهيونية، ولننظر ماذا قرر هذا المؤتمر، هل كانت قراراته متعلقة بالنصارى وشئونهم الدينية؟ لنقرأ أهم القرارات: أولاً: عدم تقديم تنازلات من الغرب إلى الإتحاد السوفيتي، طالما أنه لا يسمح بهجرة اليهود منه إلى دولة إسرائيل (وهذا طُبِّقَ تماماً).

ثانياً: تشجيع إسرائيل ومواطنيها على المشاركة الكاملة في كل الهيئات والمؤسسات الدولية، والمطالبة بانسحاب جميع الدول الأوروبية والأمريكية من أي اجتماع يعقد ولا تمثل فيه إسرائيل (وهذا القرار وضع لأن العرب يهددون أحياناً بالانسحاب فتضطر الدول لمجاراة العرب لأنهم أكثرية).

ثالثاً: على كل الأمم الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها ونخص بالذكر حكومة الفاتيكان، وخصت الفاتيكان؛ لأنها هي عاصمة الكاثوليك، والكاثوليك لا يؤمنون هذا الإيمان العميق للبروتستانت بإسرائيل وهذا يعني أن المسلمين لو تحركوا يستطيعون استخدام عنصرين مهمين استخداماً جيداً، العنصر الأول هم: الكاثوليك، والعنصر الثاني هم اليهود المنشقون غير المؤيدين لإسرائيل؛ ولا سيما في أمريكا حيث يوجد ثلاثة ملايين يهودي غير مؤمنين بدولة إسرائيل، ومنهم كتاب وأدباء ومفكرون يهاجمون دولة إسرائيل، ولكن لا أحد يجيد استخدامهم أو الإفادة منهم.

رابعاً: يعلن المؤتمر أن يهوذا والسامرة بحق التوراة والقانون الدولي وبحكم الواقع جزء من إسرائيل.

خامساً: نطالب كل الأمم بالاعتراف بـ القدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل وتنقل سفاراتها من تل أبيب إليها.

سادساً: مطالبة الدول الصديقة لإسرائيل بالتوقف عن تزويد أية دولة في حالة حرب مع إسرائيل بالأسلحة بما في ذلك مصر التي وقعت معها اتفاقية كامب ديفيد.

سابعاً: مطالبة كل الحكومات بنبذ منظمة التحرير الفلسطينية واعتبارها منظمة إرهابية، وتأتي هذه المطالبة تنفيذاً لما ورد في التوراة حول أن الله يبارك من يبارك اليهود، ويلعن من يلعنهم.

ثامناً: إدانة كل أشكال معاداة السامية، وهي عداء إسرائيل واليهود.

تاسعاً: الدعوة لتذكر كل الفظائع التي ارتكبتها ما تسمى: بالحضارة المسيحية ومن يسمون المسيحيين، ولا سيما المذابح التي قامت في الحرب العالمية الثانية.

(أي: أنهم يرون أن كل من وقف في وجه اليهود من النصارى ليسوا نصارى حقيقيين).

عاشراً: العمل نحو توطين اللاجئين العرب الذين تركوا إسرائيل عام (١٩٤٨م) في البلدان التي رحلوا إليها.

الحادي عشر: مساعدة إسرائيل اقتصادياً وذلك بإنشاء صندوق دولي برأسمال قدره مائة مليون دولار للاستعمار في تطويرها.

(وبالفعل ما انتهى المؤتمر إلا وجمع مائة مليون دولار إضافة إلى المساعدات التي تجمع باستمرار لمساعدة إسرائيل، وضمن ذلك يقومون بتشجيع الاستعمار الخاص في إسرائيل).

الثثاني عشر: مطالبة كل المسيحيين وكل الأمم بعدم الخضوع لأنظمة المقاطعة العربية لإسرائيل.

(وبالطبع ستتوقف المقاطعة وتنتهي بعد مدريد لأنها أصلاً لم تكن إلا شكلية في أغلب الأحيان).

الثالث عشر: دعوة مجلس الكنائس العالمي في جنيف إلى الاعتراف بالصلة التوراتية التي تربط بين الشعب اليهودي وبين أرضه الموعودة، وكذلك بالبعد التوراتي والنبوئي لدولة إسرائيل.

(وهذا يدل على أن العقيدة التي قامت عليها دولة إسرائيل عقيدة إيمانية يجب على مجلس الكنائس أن يعترف بها).

الرابع عشر: يصلي أعضاء المؤتمر وينظرون بشوق إلى اليوم الذي تصبح فيه القدس مركزاً لاهتمام الإنسانية؛ حينما تصير مملكة الرب حقيقة وواقعاً عن السفارة النصرانية وهذا المؤتمر.

وقد أحضرت المؤلفة المؤتمر، وشرحت ما دار فيه عن مشاهدة.

ومملكة الرب يفهمها النصارى على أنها مملكة المسيح بن مريم بناء على ما عندهم، أما اليهود فيفهمونها على أنها مملكة المسيح الدجال كما تقدم وهنا لا بد أن أؤكد أن الذين يؤمنون بهذا الوعد التوراتي هم المؤمنون بالمسيح الدجال، وبالتالي فكل من يعتقد أو يوافق على مشروع قيام دولة إسرائيل آمنة مطمئنة فإنه شاء أم أبى علم أو لم يعلم يعمل لإنشاء مملكة المسيح الدجال، ويسعى لتحقيق النبوءة التوراتية التي يدعيها هؤلاء، ويخدم راضياً أم غير راض، علم أم لم يعلم، هذه الأهداف الصهيونية التي يؤمن بها هؤلاء الأصوليون مع أولئك اليهود.