للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حب الدنيا معناه وضعها في القلب لا في اليد]

السؤال

تكلمت عن حب الدنيا، وأنه من الأسباب التي أدت إلى تردي الأمة، فما هو السبيل لنزع حب الدنيا من قلوبنا، مع العلم أننا نعيش اليوم في دوامة العمل ومتطلبات الحياة؟

الجواب

لا شك أننا جميعاً نعاني من ذلك، ونسأل الله أن يعيننا، فكم نعايش ونكابد الحياة وقد كابدها قبلنا أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكانوا يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله، وكما تعلمون قصة عمر رضي الله عنه أنه كان يرسل رجلاً من الأنصار يستمع حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يعود في آخر اليوم ليجلس وليسمع، فهذه المعاناة عاناها أفضل جيل؛ ومع ذلك كان همهم الآخرة.

فالعلاج أن ننزع من قلوبنا حب الدنيا وتعظيمها ونجعل بدلاً من ذلك تعظيم الآخرة، فلا أقول: نترك أعمالنا، ولا أقول لا نحرص على الربح الحلال، ولا أقول: لا نتمتع بما أحل الله لنا من الطيبات وبما أعطانا الله من الرزق أبداً، لكن نقول: نخرجها من قلوبنا وليس من أيدينا، وأما التخلي الذي فهمه الصوفية الضلال بالتخلي عن الدنيا، أن يعيش الإنسان فقيراً لا يملك شيئاً فليس هذا هو الخروج من الدنيا، إذاً لكان فقراء الهند من البوذيين من أسعد خلق الله عند الله عز وجل، لكن! لا.

فالزهد الحقيقي والرغبة الحقيقية في الآخرة؛ وقد تكون مع وجود المال، ومن وجد مالاً فإنه يمسكه في يده لا في قلبه.

كما قال الإمام أحمد رحمه الله عندما سئل: أيكون الرجل زاهداً وعنده ألف دينار أو عشرة آلاف دينار، فقال: نعم إذا كانت في يده وليست في قلبه فهو زاهد" وقد كان الصحابة رضي الله عنهم منهم الأغنياء كـ عثمان والزبير مع أنهما من أزهد الناس، فهذا هو المقصود، فإذا لم يتعلق القلب بها، ولم يحملك حب الدنيا على أن تعصي الله -وكم من المسلمين من يفعل ذلك- ولم يحملك حب الدنيا على أن توالي أعداء الله -وكم من المسلمين من قد يعادي أهل الخير ويحب أهل الكفر وأهل الفجور من أجل دنياه والعياذ بالله- فإذا كان الحال كذلك فإنه لا يضير كون الإنسان يملك مالاً كثيراً.

ونسأل الله أن يوفقنا لمرضاته.