للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه]

السؤال

ما هو القول الفصل في رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربه في المنام؛ ثم في حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {رأيت ربي في أحسن صورة}؟

الجواب

أما بالنسبة لرؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربه، فالراجح هو ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وهي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ير ربه، كما في حديث أبي ذر {هل رأيت ربك فقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نور أنى أراه} وقال: {حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه} فهو لم ير ربه عز وجل، وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: [[ثلاث من قالهن فقد أعظم على الله الفرية: ومنها من قال: إن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية]].

وأما القول المخالف، وهو ما نقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه رآه، فقد ورد مقيداً عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: [[رآه بفؤاده مرتين]] وابن عباس رضي الله تعالى عنه ما دام أنه قد ورد عنه ذلك التقييد، فإذاً نقيد ما أطلق من أنه يقول: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ربه، فقوله وقول من قال بقوله إما أن يكون اجتهاداً وهو خطأ غير صواب، أي أن له أجر الاجتهاد وليس أجر الصواب، أو أن نقول: إنه رضي الله عنه قيد ذلك وهو الأولى والأرجح بالفؤاد، فلا يكون هناك خلاف ولا منافاة بين أقول الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في ذلك.

أما بالنسبة لحديث الصورة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ربه في أحسن صورة في المنام، فإذا نظرنا لكلام ابن عباس إلى أنه رأى ربه بفؤاده مرتين فنستطيع أن نقول: إن هذه هي إحدى الرؤيتين، رآه في الأرض لما كان في المنام، ورآه أيضاً بقلبه (بفؤاده) لما أسري به، فحدث للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رؤيتان قلبيتان.

وموسى عليه السلام هو كليم الله، ومن أولي العزم، ونعلم منزلته وفضله، وقد سأل الله عز وجل الرؤيه، فقال سأريك نفسي في المنام، أما اليقظة فمعلوم أنه محال ذلك ولن يتحقق.

فإذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ربه بفؤاده مرتين، وموسى عليه السلام لم يره لا في اليقظة ولا في المنام، فمن من الأقطاب يدعي أنه يراه في الدنيا؟! وأي إنسان هو أفضل من موسى أو أفضل من محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! ولهذا من قال: إنه يرى الله في الدنيا، ومن زعم ذلك فقد كذب، وهو إلى الكفر أقرب منه إلى الإسلام، وإذا أصر على ذلك بعد قيام الحجة، فإنه يعزر ولو بالقتل كما نص على ذلك شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية وغيره، وكما ثبت في الحديث {إن الشيطان يضع عرشه على الماء} ويلبس على هؤلاء، بأن يريهم نفسه ويريهم عرشه، ويقول: أنا الله وهذا العرش حتى أن الصوفية عندهم أحد الأولياء سموه فلان العرشي، لأنه دائماً تحت العرش، ويخاطب الله من تحت العرش، وهذا هو عرش إبليس.