للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرك متعلق بذات الله وأسمائه وصفاته]

وقال: (الشرك الأول -المتعلق بذاته وأسمائه وصفاته- نوعان: أحدهما شرك التعطيل، وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون إذ قال: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:٢٣]) ما معنى قول فرعون: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:٢٣] هل هو كما يقول المجادلون أو المتنطعون سؤال عن الماهية، أي: أخبرني ما ماهيته، ما حقيقته؟ كلام فرعون هنا على سبيل الإنكار، أي: لا رب، لا أحد، إلى أي شيء تدعو؟ أنا ربكم الأعلى! هكذا يزعم فرعون، ولهذا قال فرعون لهامان: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً} [غافر:٣٦ - ٣٧] لا يوجد شيء من كلامهم على الأقل من وجهة نظر فرعون المعلنة، لا نعني داخل الأمر أما باطن الأمر قال الله عنه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} [النمل:١٤] ولهذا يقول له موسى عليه السلام: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء:١٠٢] تعلم يا فرعون أن الله تعالى هو الذي أنزل هذه الآيات وهذا الدين، ففي الحقيقة فرعون يعلم.

هل يستطيع عاقل أن يدعي أنه رب العالمين؟ في الحقيقة والواقع لا، لكن هذه شهوات وأبهة، وملك وغرور {إِنْ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ} [الملك:٢٠] يا فرعون أأنت رب العالمين؟ أنت الذي لم تنجب ولداً من نفسك تكون رب العالمين؟ كيف يعبدك هذا الشعب الذي لا عقل له؟! الشعب المستخَف كما قال الله تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف:٥٤] الأمة الفاسقة المتحللة الضائعة، التي تميل إلى الإباحية والعري والفساد، وإلى إضاعة الأوقات، يستخفها أي مجرم وأي كذاب، يأتي ماركس ولينين فيقولا: نحن أتينا بأفضل شريعة، نقول: معك يا لينين؟ وجاء القوميون وقالوا: لا، القضية قومية عربية قلنا: معكم يا قوميون، الاشتراكيون مع الاشتراكيين، البعثيون الملايين من الناس تصفق لهم، مع كل من يدعو إلى ضلالة؛ لأنهم استخفهم الذين عرفوا ضعفهم وفسقهم، وفجورهم.

الأمة التي لا تفسق ولا تفسد ولا تفجر تملك عقلها، ولهذا يردعها ذلك عن أن يستخفها أحد، فهذه الأمة لماذا لم تفكر؟ تصدقون أنه ربكم وتجتمعون يوم الزينة لتروا النتيجة؟! وهل في ذلك من شك، هل تحتاجون أن تروا النتيجة؟!! {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ} [الشعراء:٤٠] يعني: الاحتمال الراجح عندهم أنهم هم الغالبون، عجيب والله!! ما تزال القضية غير واضحة في أذهانهم وهم يرونه لم ينجب، يعني: هذا الشعب كله خلقه وهو لم ينجب من نفسه وإنما هو عقيم كما يعلم الجميع، ولهذا أتاه الله تعالى من بابه، من مأمنه يؤتى الحذر وأتي من مقتله، لماذا؟ لأن ضغط حنان الأمومة الذي تشعر به الزوجة التي لا ولد لها يؤثر دائماً على أعصاب الرجل الذي لا ينجب فقالت: {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} [القصص:٩] فوافق؛ لأنه لا يستطيع أن يقول: لا، ليس معه ولد فلابد أن يسكت، فلتفعل بهذا الولد ما تشاء، ولِتربه كما تشاء، فربى الله تبارك وتعالى موسى في بيت فرعون: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} [القصص:٨] من هذا المقتل أتي وقتل فرعون لما أراد الله تبارك وتعالى أن يُظهر وأن يُحقق ما أراد، رغم كل الاحتياطات التي جعلها للقضاء على من يقضي على ملكه كما أُخبر.

إذاً: أقبح أنواع الشرك هو شرك التعطيل، وهو شرك فرعون ومن اتبعه.