للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما قدر الله حق قدره من زعم أن الله يعاقب عبده على ما لا يفعله]

يقول: (وكذلك ما قدره حق قدره من قال: إنه يعاقب عبده على ما لا يفعله، ولا له عليه قدرة، ولا تأثير ألبتة! بل هو نفس فعل الرب جل جلاله، فيعاقب عبده على فعله).

وهذه الطائفة هي الجبرية، يقولون: هو سبحانه الذي جبر العبد، وجبره على الفعل أعظم من إكراه المخلوق للمخلوق، يعني: المخلوق لا يمكن أن يكره المخلوق إكراهاً كلياً، لا يستطيع أي مخلوق أن يملك ما تضمره مهما كان، وهم يقولون: إن الله تبارك وتعالى أجبر المخلوقين، تعالى الله عما يصفون!! قال: (وإذا كان من المستقر في الفطر والعقول أن السيد -أي المالك- لو أكره عبده على فعل وألجأه إليه ثم عاقبه عليه لكان ذلك قبيحاً، فأعدل العادلين وأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين كيف يجبر العبد على فعل لا يكون للعبد فيه صنع ولا تأثير)، هذا مذهب الجبرية، هل هناك فرقة تسمى الجبرية الآن؟ نعم، الأشعرية، ماذا يقولون؟

والفعل في التأثير ليس إلا للواحد القهار جل وعلا

أي: الفعل كله لله، فما دام الفاعل والمؤثر هو الله، إذاً: هل يعاقب على فعل نفسه؟ فهو الذي فعل، أما العبد فلم يفعل شيئاً ولم يؤثر في شيء، فهم ينظرون من جانب وينسون جانباً آخر.

طيب! إذا كنتم تقصدون أو تريدون بذلك أن العبد لا يملك أن يطيع ولا يملك أن يعصي حتى نجعل إرادة الله هي كل شيء، فقد نسيتم الأفعال الأخرى، فنقول: إذا ارتكب العبد فاحشة تقولون الذي فعلها من؟ إن قالوا: الله -تعالى الله عما يصفون- وقعوا في الكفر، وإن قالوا: العبد إذاً أثبتوا للعبد فعلاً وتأثيراً وإرادة، لكن هم ينسون ذلك ويغفلون عنه.

إذاً: الطائفتان الجبرية والقدرية ما قدروا الله حق قدره.