للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانياً: الفرق الهدامة الرافضة الحشاشون

بعد العوامل الذاتية في جسم الأمة المنتسبة إلى السنة نجد هنالك الفرق الخبيثة الهدامة، وهي تمثل في كل زمان ومكان الحربة التي تطعن من الخلف، والعدو اللدود المقيم الذي لا يأتي العدو الخارجي ويمشي إلا على جسر منه، وهم دول الرافضة دول الرفض، ومن ذلك دولة العبيديين الذين يسمون الفاطميين، وقد كانوا يحكمون مصر في تلك المرحلة وأجزاء من بلاد الشام، وكان التشيع يغلب على كثير من العالم الإسلامي في ذلك الوقت.

ماذا فعلوا؟ فعلوا ما يليق بـ الرافضة أن تفعله؛ حالفوا الصليبيين، وأمدوهم وراسلوهم، وكانوا عوناً لهم ضد المسلمين؛ حتى أن القدس المدينة المقدسة عند المسلمين كانت بيد السلاجقة السنة، الذين كونوا الإمارات في أنطاكيا وفي غيرها من بلاد الشام؛ وعندما قدمت الحملات الصليبية، جاء جيش العبيديين فاحتل القدس من السلاجقة وأخذها منهم، ولم يستطع أن يدخلها إلا بعد أن دك أسوارها، وحطم قلاعها وما حولها من الحصون، وكان ذلك تهيئة لأخذ الصليبيين لها؛ فعندما جاء الصليبيون لم يجدوا أي مقاومة من قِبل أولئك العبيديين الذين سلموا لهم القدس، وجاء الأهالي يريدون أن يدافعوا عن المدينة وإذا بها لا أسوار لها ولا حصون، وسلمها أولئك لقمة سائغة لهؤلاء المجرمين.

كذلك كانت العقيدة الرافضية منتشرة، وكان جزءاً منها تلك الفرقة الخبيثة الباطنية الذين كانوا يسمون بالحشاشين، وكان للحشاشين الباطنيين وجود قوي في وقت قدوم الحملة الصليبية، ثم كان لهم دور خبيث في تعطيل حركة الجهاد ضد الصليبيين، وفي الحروب الصليبية.

كان زعيمهم الخبيث المشهور الحسن بن الصباح صاحب قلعة ألمونت في بلاد فارس، ثم بهرامل الاسترباذي، ثم راشد الدين سمنان وغيره، كانوا زعماء كما ذكر المؤرخون وأجمعوا على ذلك، ولم يغتالوا شخصية واحدة من شخصيات الصليبيين ولا أميراً واحداً، وإنما كان غرضهم أن يقتلوا أمراء الجهاد المسلمين، وقد قتلوا من قتلوا، ومن أول من قتلوا وفتكوا به الوزير نظام الملك وزير السلاجقة المشهور.

ثم بعد ذلك لما تحركت مشاعر الجهاد عند الأمة الإسلامية، كان من أول من حركها السلطان مودود رحمه الله، كان من أوائل الذين حركوها، وهو يكاد يكون مغموراً -وما أكثر من هو مغمور في تاريخنا من أولئك الرجال- بدأ السلطان مودود ووصل إلى دمشق، وكان أول من بدأ المعارك وحطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأعاد للمسلمين الثقة في النصر، فعندما وصل إلى دمشق اغتاله الباطنيون في رمضان في الجامع الأموي بعد الصلاة.

ولهذا قال الصليبيون كلمة أصبحت مثلاً: أمة تقتل عميدها، في شهر عيدها، في بيت معبودها؛ حق على الله أن يبيدها.

الصليبيون أنفسهم لم يصدقوا أن هذه الأمة تغتال السلطان مودود في داخل المسجد، في رمضان وهو صائم من أجل أنه أراد أن يجاهد الصليبيين.

ثم اغتيلت بعد ذلك شخصيات أخرى، منهم على سبيل المثال: آغ سنقر، وقد كان له أيضاً دور وشأن في الحروب الصليبية، ومنهم: تاج الملك بوري الذي اغتيل (عام ٥٢٦) عندما قرر وعزم أن يستخلص بانياس ويستردها.

حوادث كثيرة نرى فيها أنه في حالة وجود من يجاهد ويريد أن يرفع هذه الأمة إن لم يهزمه الصليبيون فإن أولئك المجرمين يغتالونه ويطعنونه من الخلف.

وكان الأذان يعلن في حلب وفي غيرها من مدن الشام ومصر والحجاز، والمغرب وأفريقيا كلها على الطريقة الرافضية، وكانت شعائر هذه الملة الخبيثة ظاهرة، وكان تعاونهم مع اليهود والنصارى ظاهراً، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع كثيرة في منهاج السنة، كما ذكره ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة، وغيرهما حيثما جاءت المناسبة لذكر هذه الأفعال القبيحة.

إذاً: عندما نجد واقع الأمة، ودور الرافضة العبيديين، وأيضاً دور الباطنيين وهم جزء من أولئك الروافض وخيانتهم؛ نجد أن الأمة وصلت إلى حالة من التردي لا تكاد تصدق.