للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة التمييز العنصري بين الرجل والمرأة]

موضوع المرأة وبالذات إذا أردنا أن نستعرض الموضوع من الناحية الواقعية فإنه طويل ومتشعب، وأحب أن ألفت أنظار إخواني الكرام إلى مسألة مهمة جداً، وهي: أنه لا يوجد في ديننا، ولا في مجتمعنا أيضاً ولله الحمد، لا وجود لتمييز عنصري بين رجل وامرأة، لا وجود لذلك.

الإثارة التي تثار في الصحافة وفي بعض وسائل الإعلام وفي المسلسلات الفاسدة التي تصور العلاقة على أنها علاقة عداء، تمييز عنصري بين الرجل وبين المرأة يجب أن تقف عند حدها، ويجب أن نترصد لها وأن نتنبه لها ونكون لها بالمرصاد.

ليس في مجتمعنا رجل عدو للمرأة ولا مرأة عدو للرجل فضلاً عن ديننا والحمد لله، هذه قضية مستوردة من الغرب، الغرب -كما أشرنا- هو الذي يعيش في هذا التمييز الشنيع بين الطبقة الأرستقراطية الغنية وبين الكادحين العمال، ويعيش في التناقض الشديد بين جنس المرأة والرجل كجنس مسيطر، وبين شعوب تريد أن تسيطر على الشعوب الأخرى، بين أصحاب مهن يتصارعون من أجل الحصول على ما يريدون، المجتمعات الغربية هي التي تتفكك إلى تجمعات للطلاب ضد المدرسين وضد إدارة الجامعة، وتجمعات للمدرسين ضد الطلاب أو أحياناً ضد إدارة الجامعة، تجمعات للشعب ضد الحكومة، وأحزاب حكومية ضد الشعب، تجمعات نسائية ضد الرجل، تجمعات رجالية ضد المرأة، هذه لا وجود لها في ديننا ولا يجوز أن توجد في مجتمعنا، والحمد لله هي في الأعم الأغلب لا وجود لها حتى في واقعنا في هذا البلد بالذات.

هذه القضية هي الأصل ولو فقهنا ذلك لعرفنا ماذا وراءه، عندما يقوم رجل ويطالب بحق المرأة وأن الرجل يظلمها، قف يا أخي! قف إن كنت مؤمناً بالله واليوم الآخر! لا تكتب هذا في جريدة سعودية ولا مجلة سعودية، ماذا تقصد بالرجل، من الرجل الذي ظلم المرأة: أبوها، أخوها، زوجها؟ من؟ إن كان أحد هؤلاء وهذا واقع مجتمعنا؛ لأن المرأة تتعامل في مجتمعنا مع هؤلاء، فإن كان هؤلاء فليكن في علم كل من يدعو إلى هذه الدعوة أنه لن يحرص على أي فتاة أكثر من حرص أبيها أو أخيها، لا نقول: إن الأب لا يخطئ على ابنته، لأنه قد يقع، لا نقول: إن الأخ لا يظلم أخته، قد يقع، لا نقول: إن الزوج لا يظلم زوجته، قد يقع، لكن من المحال أن هذا الكاتب البعيد الذي يعيش وهو ربما لم يعرف الزواج أصلاً أن يكون أشفق وأرأف بالبنت من أبيها.

هذا غير معقول.

ثم إن كان هناك شيء من هذه المظالم فإن للظلم في ديننا ما يرفعه وجوباً، إن القاضي في شريعتنا والحمد لله يتولى أمر الفتاة إذا ظلمها أبوها أو إذا لم يكن له عليها ولاية شرعية، إنها لا تضيع أبداً؛ فلا حاجة إلى تكتلات، ولا تجمعات، ولا مطالبات صحفية، هي بنفسها تتقدم إلى القاضي فترفع الولاية عن أبيها وتعطى لأقرب ولي، وإن لم يكن فالقاضي بنفسه يزوجها ولا يرضى أن يقع الظلم عليها.

لا يمكن في المجتمع المسلم أن تبقى امرأة تتكفف الناس وتسألهم من الحاجة، أبداً، ولو أدى الأمر إلى أن يؤخذ جزء أو نصيب من أموال الأغنياء لتعطى في حالات الضرورة، لكن لا يوجد أصلاً، مجتمعنا -والحمد لله- بنفسه لا يرضى ذلك على ما فيه من أخطاء ومعاصٍ نحن نعيشها -نسأل الله أن يغفرها لنا- لا يوجد تكريم للمرأة كالمرأة في هذا المجتمع، الرجل الغليظ القلب الذي يأتي من البادية بجفائه، إذا رأى زوجته يكرمها ويصونها ويشتري لها كل شيء، وينزلها في مكان محترم يراه، وإذا جاءت لتركب مع أناس قالوا: صاحب العائلة يقدم وتترك السيارة له، ورجل المرور إذا رأى صاحب العائلة يفسح له المجال ويراعيه، أشياء لسنا مأمورين بها كنظام كما في الغرب، نحن والحمد لله تنبع منا عادات طيبة أصلها الدين، إن هذه المرأة عرض محترم وغال جداً، وأخطر قضية يمكن أن تحيط بأي أسرة ليس هي أن يقال: أنها خسرت المال، أو أن زعيمها ترك المنصب لا، أخطر قضية أن يكون في عرضها شيء عياذاً بالله، هذا أخطر شيء عندنا.

فنحن ننزل المرأة هذه المنزلة والحمد لله، ومع ذلك يزعمون أنهم بهذه المطالبات يريدون أن تكون المرأة كالمرأة الغربية فيحررونها